تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مقتضى هذه الأبيات إثبات علم الغيب للنبي صلى الله عليه وسلم وأن الدنيا والآخرة من جوده وتضمنت الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من أعظم الشدائد ورجاءه لكشفها وهو الأخذ بيده في الآخرة وإنقاذه من عذاب الله، وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام وإن لم يقل هؤلاء إن محمداً هو الله أو ابن الله ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " والإطراء هو المبالغة في المدح حتى يؤول " الأمر إلى " أن يجعل المدح شيء من خصائص الربوبية والألوهية.

وهذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواكأي وإلا فأنا هالك والنبي

أي وإلا فأنا هالك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: " لا ملجأ منك إلا إليك ".

وقوله:

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** ومنقذي من عذاب الله والألم

أو شافعاً لي ...... إلخ. [أي] وإلا هلكت، وأي لفظ في الاستغاثة أبلغ من هذه الألفاظ وعطف الشفاعة على ما قبلها بحرف أو في قوله: " أو شافعاً لي " صريح في مغايرة ما بعد أو لما قبلها وأن المراد مما قبلها طلب الإغاثة بالفعل والقوة. فإن لم يكن فبالشفاعة.

والناظم آل به المبالغة في الإطراء الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الغلو والوقوع في هذه الزلقة العظيمة ونحو ذلك قوله في خطابه للنبي صلى الله عليه وسلم:

الأمان الأمان إن فؤادي ***** من ذنوب أتيتهن هراء

هذه علتي وأنت طبيبي ***** ليس يخفى عليك في القلب داء

فطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم وشكا إليه علة قلبه ومرضه من الذنوب فتضمن كلامه سؤاله من النبي صلى الله عليه وسلم مغفرة ذنبه وصلاح قلبه، ثم أنه صرّح بأنه لا يخفى عليه في القلب داء فهو يعلم ما احتوت عليه القلوب. وقد قال سبحانه: {وممن حولكن من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم (التوبة آية 101) وقال: {وآخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يلعمهم} (الأنفال آية 60) وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر الذين أنزل الله فيهم: {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} (النساء آية 107) الآيات حتى جاء الوحي وخفى عليه صلى الله عليه وسلم أمر أهل الإفك حتى أنزل الله القرآن ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا في حياته فكيف بعد موته وهذا يقول: " وليس يخفى عليه في القلب داء " يعني أنه يعلم ما في القلوب والله سبحانه يقول: {والله عليم بذات الصدور} (آل عمران آية 154 / والمائدة آية 7) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من النار ".

ـــــــــــــ

كتاب الرد على البردة للعلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين (ت / 1282 هـ) (ص 361/ 362 / 363/ 387 / 388 /)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة من كتابه كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس.

قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين:

قول الناظم: إن من جودك الدنيا وضرتها: أ ي من عطائك وإنعامك وإفضالك الدنيا والآخرة، وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك، ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها وبين قوله تعالى: (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً) [الجن: 21]. وقوله (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) [الأنعام: 50].

قال ابن كثير: " قل لا أقول لكم عندي خزائم الله " أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون (ولا أعلم الغيب) فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون (ولا أقول لكم إني ملك)؛ لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي.

وقوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) [الأعراف: 118]. ص / 25

ــــــــــــ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير