تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويرى ابن مالك أن ما نحتاج إليه في التعامل مع العلاقة بين الكلمات في الجملة إنما هو العقل، وليس معرفة الوضع، وقد تعرّضت هذه النظرة العقلية للنقد بحجة أن اللغات لا تتنوع في معاجمها فقط بل في الأنواع التركيبية أيضًا

"فالمضاف مقدّم على المضاف إليه في بعض اللغات ومؤخّر عنه في بعض، ولو كانت المركبات عقلية لفهم المعنى واحدا سواء تقدم المضاف على المضاف إليه أو تأخّر". [ v] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn5)

وقد أجاب من ذهب إلى أن المركبات لا تفهم بدون الوضع عن نقد ابن مالك، ومن ذلك ما ذكره محمد الزركشي (794/ 1392):

"والحق أن العرب إنما وضعت أنواع المركبات، أما جزئيات الأنواع فلا، فوضعت باب الفاعل لإسناد كل فعل إلى من صدر منه، أما الفاعل المخصوص فلا، [ ... ] وكذلك سائر أنواع التراكيب". [ vi] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn6)

أما رضي الدين الأستراباذي (688/ 1289) فقد تعمق في هذه المسألة، وبيّن الفرق بين وضع المفردات المعجمية، ووضع الأنواع التركيبية بقوله:

وبيانه أن واضع اللغة إما أن يضع ألفاظا معينة سماعية، وتلك هي التي تحتاج في معرفتها إلى علم اللغة، وإما أن يضع قانونا يعرف به الألفاظ فهي قياسية، وذلك القانون إما أن يعرف به المفردات القياسية، [ ... ] وإما أن يعرف به المركبات القياسية". [ vii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn7)

وما عناه بالقوانين التي تُعرف بها المفردات القياسية ما يمكن تسميته بالقواعد الاشتقاقية derivational rules لبناء الكلمة التي يحتاج في معرفتها –كما يذكر الرضي- إلى علم الصرف. أما القوانين التي تُعرف بها المركبات القياسية فيشير بها إلى القواعد الإعرابية التي تتصل ببناء الكلمة inflectional rules " التي تحتاج في معرفة بعضها إلى التصريف"، والقواعد النحوية لبناء الجملة "التي تحتاج في معرفة بعضها إلى غيره من علم النحو". [ viii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn8)

ومن التفريقات المهمة التي وضعها الرضي في الاقتباس السابق التفريق بين العناصر اللغوية التي لها معان معجمية، تلك التي يسميها الألفاظ السماعية، والعناصر اللغوية التي لها وظائف قواعدية، تلك التي يسميها الألفاظ القياسية. ويشبه هذا التفريق تفريق مارتينيه Martinet بين المصرِّفات المعجمية lexical morphemes، والمصرّفات القواعدية grammatical morphemes.[ix] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn9) ولن أتناول هنا هذه العلاقة، بل سيكون التركيز –بدلا من ذلك- على التفريق بين نوعين من الوضع: الوضع الشخصي، والوضع النوعي، وهو ما ترجمه ويس Weiss بالوضع العزلي isolative، والوضع الإدراجي subsumptive.[x] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn10)

والفرق الأساسي بين الوضع الشخصي، والوضع النوعي هو أن الأول يُعرّف بأنه إفراد لفظ لمعنى معين، في حين أن الآخر يطلق عادة على صوغ قاعدة نحوية عامة. وهذا يعني أن كل متكلم يسعى إلى تعلم العربية مطالب بمعرفة كل مفردة معجمية يحتاج إليها في أي مقام تخاطبي لكي يُعدّ ممن لهم معرفة بالوضع الشخصي.

أما معرفة الوضع الكلي –خلافا لمعرفة الوضع الشخصي- فتخوّل المتكلم لأن يُحدث قولات مهملة معجميا، ولكنها مفيدة قواعديا، ولم يسبق تقديمها من قبل، ومع ذلك يمكن عزوها إلى جملة عربية موجودة بالقوة [في قواعد اللغة]. ويمكن تحويل مثل تلك القولة بسهولة إلى قولة عربية مفيدة موجودة بالفعل، وذلك بإضافة معنى معجمي إليها. تأمل ما يأتي:

1) صغم الصاغم متصغّمًا [فَعَلَ الفاعِلُ مُتَفَعِّلاً]. [ xi] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=546491#_edn11)

2) أ) سرق السارق متخفّيًا.

ب) أكل الصائم متلهّفًا.

ج) ذهب القاتل متوّعدًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير