ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[12 - 02 - 07, 03:54 م]ـ
17 - ومن الكلام المهلهل المتهافت الدال على فقر زاد الباحث من المعارف اللغوية قوله: " .. سيبويه، وهو إمام النحاة، صاحب قرآن النحو! لحن وأخطأ وغفلت عنه الكثير من القضايا النحوية! فما بالك بابن مالك؟؟ ولا أقول: إنه لا يخطأ! ومع هذا أقر أنه قد غفلت عنه قضايا كثيرة .. " (ص92).
وفي قوله: "صاحب قرآن النحو" تجاوز في التعبير، وتحميل للقدامى ما لم يصدر عنهم من قول أو أحكام!! فلم يصف أحد منهم على توافرهم على الكتاب، مدارسة، وتوفر هممهم على حفظه، وقرائحهم على شرحه، والغوص في أعماقه لاستخراج ما خفي من لطائفه، وما تفرد من درره، لم يبلغ بأحدهم الحب والإعجاب إلى أن يصفه بالقرآن!! ولا يصدر هذا إلا عن مستهتر لا يدري ما يقول!! أو عمن بلغت الرقة والركة بدينه أن أصبح يضرب لكتاب الله الأشباه والنظائر ..
ولعل تسمية "الكتاب" التي يذهب الوهم إلى أنها مأخوذة من "كتاب الله" لم تكن مقصودة، ذلك لأن الإمام عمرو بن عثمان أبا بشر لم يضع لمؤلفه اسما يمتاز به عن غيره، كما وضع عيسى بن عمر لمؤلفاته أسماء مثل "كتاب الجامع" وكتاب "الإكمال" فنسب الكتاب إلى صاحبه، فقيل "كتاب سيبويه" ولكثر الاستعمال والتداول مال العلماء بعده إلى الإيجاز، واكتفوا للعلم به، ولذهاب الذهن إليه في الدرس النحوي لا إلى غيره عند الإطلاق -ولم يدر بأخلادهم ما توهمه بعض المتأخرين من كون سيبويه أو غيره من المتقدمين أرادوا بهذا الإطلاق إقامة شبه من نوع ما بالكتاب الإلهي، "القرآن الكريم"، فكان المؤلف هنا غير مؤسس أكان مبتدعا أم متبعا!!
وفي قوله: " .. لحن وأخطأ" عدم دقة في استعمال، وخلط في دلالة الكلمات، فهو تصور أن "لحن" ترادف "أخطأ" وهذا اضطراب في التصور -فبين الكلمتين عموم وخصوص- فكل لحن خطأ، وليس كل خطأ لحنا، لأن اللحن هو الخطأ في اللغة خاصة، ومنه قول عمر: "تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تعلمون القرآن" يريد تعلموا لغة العرب حتى لا تقعوا في خطأ الكلام، ومنه ما أورده صاحب البيان، وحمله على وجه من التأويل:
منطق صائب وتلحن أحيا ** نا وخير الحديث ما كان لحنا
إذن فاللحن والخطأ لا يترادفان، وإن ترادفا فذلك في الاستعمال ثرثرة، وفضل من التعبير لا يقدر إلا بقدره ..
ولست أدري كيف وقر في ذهنه، وساغ عنده أن يسند الغفلة إلى القضايا النحوية، والغفلة من خصائص الذهن، ومنه ما ورد في التنزيل: {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ .. } (ق: 22) وذلك في قوله: "وغفلت عنه كثير من القضايا .. " أو "وغفل عن كثير من القضايا .. " وفي قوله: "إنه لا يخطأ" خطأ في الرسم والإملاء، أو خطأ في الاشتقاق، فالفعل هنا أورده في الثلاثي، والثلاثي غير مقصود هنا! إذ معناه الإثم، يقول: خطئ يخطأ .. فهو خاطئ، أي أثم فهو آثم، ومنه في التنزيل: {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} (الحاقة: 37) فلو أن كل من يخطئ يأكل من "ثمر جهنم" الزقوم! لما دخل الجنة أحد!! وجمع المتنبي -وهو من أئمة البيان العربي- بين المعنيين في بائيته الذي اعتذر فيها عن بني كلاب حين تمردوا على سلطان سيف الدولة:
وعين المخطئين هم وليسوا ** بأول معشر خطِئوا وتابواودعوى فوت سيبويه قضايا في النحو ذات بال، وكذلك ابن مالك في الخلاصة وفي غيرها دعوى غير مسلمة، وهي تحتاج إلى بينات، وفات المؤلف أو أعجزه أن يذكر مثالا واحدا، يوصل به دعواه، ويعضد بها موقفه، إن الكلام الملقى على عواهنه يضج به الذكي، ويضيق به صدرا، ولا ينتفع به الغبي، وإن ملأ به سطرا .. لقد خطأ أبو العباس المبرد سيبويه في مواقف من كتابه، وبالغ بعضهم!! فبلغ بها ثمانين مأخذا .. عليها اعتمد ابن تيمية الحراني في مراجعة بينه وبين أبي حيان الأندلسي، وكانت تلك فاصمة العلاقة بين الرجلين بعد إعجاب متبادل بلغ حد المدح .. ولكن المبرد عاد فاعتذر لأبي بشر، وخطأ نفسه فيما خطأ به سيبويه، فكان المخطئ ابن أخت خاله المخطئ!!
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[13 - 02 - 07, 11:58 ص]ـ
إيها يا شيوخ المنتدى؟؟ أين أنتم؟؟ .. أواصل؟!
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[13 - 02 - 07, 12:35 م]ـ
انقد لنا أفكاره ونتائجه التي يتبجح بها
أرى أنك لو ذهبت تتبع أخطاءه اللغوية لطال بك الوقت.
فالأخطاء التي ارتكبها تمر علينا صباحاً ومساء في الصحف وغيرها وهناك كتب كثيرة في تصحيح هذه الأخطاء وتعديلها.
(وجهة نظر)
جزاك الله خيراً ونفع بك.
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[13 - 02 - 07, 12:52 م]ـ
انقد لنا أفكاره ونتائجه التي يتبجح بها
أرى أنك لو ذهبت تتبع أخطاءه اللغوية لطال بك الوقت.
فالأخطاء التي ارتكبها تمر علينا صباحاً ومساء في الصحف وغيرها وهناك كتب كثيرة في تصحيح هذه الأخطاء وتعديلها.
(وجهة نظر)
جزاك الله خيراً ونفع بك.
جزاك الله خيرا على ردك، وبارك الله فيك .. لكن!
1 - لست المنتقد للكتاب، وإنما المنتقد هو الدكتور الغماري، كما بينت في أول الموضوع.
2 - الأخطاء التي رصدها الدكتور في اللغة والأسلوب والتاريخ (سيأتي) أربعة وعشرون خطأ .. فلم يبق إلا سبعة أخطاء .. علق عليها.
3 - قد أوضح الدكتور الغماري، أن من يكتب بهذه الشاكلة، لا ينبغي له أن يؤلف مشرحا أو مقيما لألفية ابن مالك .. فلا أفكار ولا نتائج لترصد، ثم تنقد!
4 - نعم، وبارك الله فيك، الأخطاء تمر علينا صباحا ومساء في الصحف وغيرها، وهناك كتب كثيرة في تصحيح هذه الأخطاء، لكن المؤلّف جامعي مجمعي لم يكن له ليقع في لحن جهلة العوام! فيتضح لك من هذا مستوى من تشبع بما لم يعط؛ هذا من وجه، ومن وجه آخر .. قد نقرأ عن هذه الأخطاء، في الكتب، ثم تنسى، وإخال أن ميزة ما أورد هاهنا، هي هذا الدرس الحي، بعد كل خطأ، فتذكر العبارات المكرورة التي يستعملها الناس عندنا، وتعرف سبب خطئها، ثم تحفظ وجه الصواب .. والله أعلم
وعموما، فلعلي أكون أخطأت إذ جعلت هذه التعقيبات أول ما أورد على الإخوة من كتابات الدكتور الغماري، فغيرها أولى، لكني وجدت هذه وفقدت تلك (استعارها من لا يسعني أن ألح عليه في طلبها) فتذكرت مثلا عندنا يقول: "الجود من الموجود"! فأحببت أن أطرف إخواني بهذا البحث ..
¥