ـ[أبو اسحاق المصرى]ــــــــ[28 - 04 - 10, 10:45 م]ـ
سألني سائل عن أسلوب الرافعي، وأسلوبه على أربعة أنواع:
(1) أسلوبه في كتابته التي يتفلسف فيها ويكتب فيما يسميه ((فلسفة الحب))، ككتابه ((رسائل الأحزان)) وكتابيه الآخرين: ((أوراق الورد)) و ((السحاب الأحمر))، وهو أسلوب معقَّد مصطنَع ثقيل، وإن كان مملوءاً بالتَّشابيه النادرة، والاستعارات العجيبة، والصناعة البيانية.
(2) أسلوبه في تآليفه العلمية، ككتابيه ((تاريخ آداب العرب))، ومنه الجزء الخاص بإعجاز القرآن، وهوأسلوب جَزْل متين صحيح يشبه أسلوب الجُرْجَاني في ((دلائل الإعجاز)).
(3) أسلوبه في مقالات ((الرسالة)) التي جمعها في كتاب ((وحي القلم))، وهو أسلوب ممتاز، فيه بيان وبلاغة وفيه – غالباً – وضوح. وخيره غالباً ما كان على صورة قصة، كقصة ((أمراء للبيع))، و ((قصة زواج)).
(4) أسلوبه في النقد، وهو مملوء بالسخرية والتعالي، والهّمْز واللَّمْز، وإن كان نقده لطه حسين - في كتاب ((تحت راية القرآن)) – نقداً نظيفاً، أما نقده للعقاد في كتاب ((على السفود)) فهو هجاء بَذيء، لذلك لم يطبع اسمَه عليه.
أما أسلوبه في شعره فسهل واضح حماسي جداً، فيه مبالغات ولكنها مقبولة، وهو أنجح شاعر في نَظْم الأناشيد؛ مثال ذلك نشيد ((اسلمي يا مصر))، ونشيد ((سعد))، ونشيده العظيم ((ربَّنَا إيَّاك ندعو ربَّنَا)) الذي يقول فيه:
إنما الإسلامُ في الصحرا امْتَهَدْ
ليَجيءَ كلُّ مسلم أسد
أما الذي يُنتقَد عليه فهو اعتداده الشديد بنفسه وتعاليه على خصومه، وتعقيد عبارته وبذاءة ألفاظه أحياناً. ولكنه في كتابته كلها (إلا ما يسميه فلسفة الحب) يدافع عن الإسلام والعروبة ويقف لأعدائها بالمرصاد، وقد بقي أربعين سنة أو أكثر وهو الممثّل الأول للأدب الإسلامي والمدافع عنه. رحمه الله.
المصدر: كتاب (فصول في الثقافة والأدب) صـ245 ــ، وقد أذيعت سنة 1977.
وكما أشار أخونا في المشاركة السابقة أن هذا الرأي تكون للشيخ بعدما كبر، وإلا فالشيخ رحمه الله لم يكن يقول بهذا في صغره بهذا الوضوح والله تعالى أعلم، ولا أدل على ذلك من المقالة التي تسبق تقسيمه هذا وهي بعنوان (إلى الأستاذ الرافعي) وقد نشرت في الرسالة سنة 1934، وقد أشاد فيها بأسلوب الشيخ ودافع عنه غموضه!، ولعلي بإذن الله تعالى أنقله هنا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 - 04 - 10, 11:33 م]ـ
بارك الله فيك ..
صور الرافعي ومعانيه فلسفية مركبة تعسر على الكثيرين وتحتاج إلى مران ودربة وقد صدق طه حسين حين وصف بعضها بأنه كالولادة المتعسرة ..
وفهم ذلك يرجع لبابين:
1 - الدربة والمران ..
2 - المستوى العقلي والفكري للقاريء نفسه ..
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[29 - 04 - 10, 02:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد في هذا الموضوع أن أستفصل من الإخوة الذين لهم خبرة بكتب الرافعي رحمه الله عن أمر مهم، وهو كيف يفهمون كلام الرافعي؟!
قد يكون السؤال عجيبا للبعض، بيد أنه بدهي بالنسبة لي!
فأقولها صراحة، أني ما وجهت صعوبة خلال قراءاتي لأي كاتب - كائنا من كان - كما واجعت صعوبة وعنتا من كتابات الرافعي رحمه الله، فأحيانا أقرأ الصفحة بأكملها فلا يخرج لي فيها سوى جملة واحد، وأما بقية الصفحة فلا أكاد أفيد منها بشيء.
وبعد قليل تأمل وجدت أن المشكلة لا تكمن في جلّ الأوقات في صعوبة المفردات، فهذه أمرها هين على كل حال والمعاجم تكفينا مؤنتها، إلا الأمر كله يكمن في التراكيب، أي نعم تراكيب الجمل.
فأظل أقلب الجملة يمنة ويسرة لعلي أخرج منها بشيء فلا أكاد أظفر بمعنًى يستقيم لي، وفي أحسن الأحوال يكون نصيبي من الجملة هو فهم المعنى العام لا غير.
أقول هذا رغم أني عندما أقرأ لأي أديب متأخر أو معاصر لا أجد عشر معشار هذا العنت الذي أجده في كتابات الرافعي رحمه الله.
أنا أجزم أن كثيرا يجد الذي أجده، ولذلك فأنا كلف لأعرف ما هو السبيل لفهم تراكيب ألفاظ الرافعي، لأني أعدّ هذا إنجازا عظيما!
كلامي السابق لا ينطبق على كتاب الرافعي وحي القلم إذْ أن قارئه قد يتمكن في أحاين كثيرة من فهم المقصود بصورة كبيرة رغم أني لم أقرأه كله إلا أن الفرق مثلا بينه وبين كتاب المساكين فرقا شاسعًا.
فأرجو من إخواني الكرام الذين لهم دربة بكتابات الرافعي، وقد منّ الله عليهم بفتح مغاليق كتبه أن يتفضلوا علينا بتعبيد هذا الطريق الوعر.
وكأني أنا كاتب هذه الأسطر!
ـ[أسامة بن سعد الهادي]ــــــــ[29 - 04 - 10, 04:08 ص]ـ
صور الرافعي ومعانيه فلسفية مركبة تعسر على الكثيرين وتحتاج إلى مران ودربة وقد صدق طه حسين حين وصف بعضها بأنه كالولادة المتعسرة ..
ربما تكون ولادة متعسرة على طه حسين وأمثاله ممن لا يحسنون سوى: " نشهد الله أنا لم نفهم شيئاً "!
وقد تحداه الرافعي بأن يأتي في ثمانية وعشرين شهراً بما أتى به الرافعي في ثمانية وعشرين يوماً، وعلى الرافعي نفقات القابلة إلى أن ييسر الله له، فولى مدبراً ولم يعقب.
أما على الرافعي فما أسهلها! والرجل ليس له في توليد المعاني نظير.
ولأخي الموضوع أنصح: ابدأ بوحي القلم، لتروض نفسك على الرافعي في أسهل أساليبه - وبذا نصح الأستاذ العريان صفي الرافعي رحمهما الله، ثم تدرج من بعدُ، وإن ذهبت تقرأ فأرسل لذهنك عنانه فلا يشغلنه سوى ما أنت بسبيله، وتدبر ملياً في كل معنى ولا تحرم عبارة من أختها فإن معنى ينشئ معنى، وقلبها على وجوهها طياً ونشراً، قبضاً وبسطاً، ولا تمل تكراراً لما لم يبلغه فهمك أول مرة، فإن معنى من معاني الرافعي تدركه لهو خير كثير.
بارك الله فيك.
¥