[منهج الرواية عند علماء اللغة الأوئل]
ـ[المعتز بالله بن محمد]ــــــــ[15 - 06 - 10, 01:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
قرأت في هذا المنتدى موضوعا: شائقاً شائكاً، ألا وهو الاحتجاج بالسنة المباركة في قواعد النحو خاصة، وفي اللغة عامة.
ووجدت أن الموضوع ثقل بالمراجع التي قلما تجدها في غير هذا المنتدى المبارك، فأسأل الله العلي القدير أن يباك لنا فيه وفي القائمين عليه وفي المشاركين، ومن هذه الموضوعات:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9578&highlight=%C7%E1%C7%D3%CA%D4%E5%C7%CF+%C8%C7%E1%CD %CF%ED%CB
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=68498
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=213789
وغيرها من المراجع التي أتحفنا بها الخلان،
بيد أني وجدت أن بعض الاختلافات الجوهرية بين علوم اللغة والحديث كانت سببا مباشرا في هذا الخلاف وهذه الاختلافات سببت سوء تفاهم بين الفريقين، ومن هذه الاختلافات موضوعنا هنا:
فأقول وبالله التوفيق:
كان رواة الحديث النبوي الشريف يحرصون على الضبط حفظاً أو كتابة ويحرصون على الرواية عن الثقات العدول، وإن كانت الأخيرة -أعني الكتابة - تأخرت كثيرا لورود النهي عن ذلك في أول الأمر، فكان كثير من الصحابة يروون بالمعنى وهذا لا إشكال فيه عند علماء اللغة إذ جل الصحابة رضوان الله عليهم يحتج بكلامهم - بمعنى أن كلامهم كان فصيحا لا يخرج عن قواعد العربية - إلى أن جاء من يروي الحديث ولا يحتج بكلامه - أعني أن لسانة اختلط بلغة أخرى غير العربية - خاصة إذا تبين أنه يروي بالمعنى:
لكن لابد من إثبات أن كثيرا من الرواية المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رويت بالمعنى، وهذا الكثير نسبته كبيرة، هذه واحدة.
أما علماء العربية كأبي عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وسيبوية وأبو عمرو الشيباني والأصمعي والفراء وغيرهم كثر: كانوا يحرصون على تلقي الأعراب أو الانتقال إليهم للرواية عنهم مباشرة حتى ولو كانوا من غير الثقات فالعبرة بالمتن فقط لا بالسند، إذا لا توجد واسطة أو سند وإن وجدت الواسطة فيكون شيخه الذي تربى على العلوم العربية، فالعبرة عندهم بالكلام الذي خرج على لسان فصيح لم يختلط بغير العربية؛ لذلك ابتعدوا عن المدن ورحلوا إلى البوادي، لأن لغة البوادي كانت أكثر فصاحة أما لغة المدن فكانت أقل فصاحة، انظر مثلا إلى قولهم عن ظاهرة الهمزة أن أهل مكة والحجاز لأنهم أهل مدن والحياة عندهم سهله اعتمدوا التخفيف في الهمزة نحو: مومنون أما أهل البادية (قيس وتميم وبني أسد وغيرهم) لأن حياتهم كانت غليظة وشديدة فاعتمدوا التحقيق فيقولون: مؤمنون؛
وهذا عكس مسلك رواة الحديث فإنهم انتشروا في المدن ورحلوا من البوادي لنشر دين الله وإعلاء كلمته؛
تأمل مثلا الرواية القرآنية والمذهب الفقهي في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وضواحيها في العصور الأولى كانت رواية نافع، ومذهب الإمام مالك،
وتأمل مذهب الإمام أحمد وقراءة عاصم المنتشرتان في العراق وضواحيها في ذاك الوقت،
ثم انظر الآن فلقد كتب الله الإنتشار لمذهب الإمام أحمد وقراءة الإمام عاصم، فتبدل الحال وكان ما أراد الله للأفصح أن ينتشر،
والله أعلى وأعلم
وهناك نقطة مهمة في هذا الموضوع
إن علماء العربية لا نستطيع أن ننسب لهم أنهم لم يحتجوا بالحديث صراحة ولكن لسان حالهم وشغلهم الشاغل والقاعدة عندهم هو لغة الأعراب (الأفصح) الذين يعيشون في البوادي، وإلا فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً، لكانوا أحرص من يقعد القواعد من لسانة مباشرة، لذلك لم يكن الحديث النبوي الشريف شغلهم من حيث الأفصح، فرسول الله صلى الله عليم وسلم ولا شك تكلم بكل هذه اللغات، وهو الأفصح بلا ريب.
وجزاكم الله خيراً،،،