اعلم قبل بيان هذه النسب الست الآتية، أن كل معقولين لا بد أن تكون بينهما إحدى نسب أربع: التباين والعموم والخصوص المطلق والعموم والخصوص من وجه والتساوي. وأن النسبة قد تكون بحسب الحمل والوجود معا كالنسبة بين الإنسان والحيوان وقد تكون بحسب الوجود فقط كالنسبة بين الضوء والشمس فالنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق لكن بحسب الوجود فقط ولا توجد نسبة بحسب الحمل دون الوجود أبدا.
ثم اعلم أن نسب الحمدين والشكرين ست لأنك تأخط الحمد اللغوي مع كل من الثلاثة بعده فهذه ثلاث، ثم تأخذ الحمد العرفي مع الاثنين بعده فهذه خمس، ثم تأخذ الشكر اللغوي مع الشكر العرفي فهذه ست.
ثم اعلم أن هذه الست ثلاث منها العموم والخصوص المطلق وهي بين الشكر العرفي مع الثلاثة قبله لأنه أخص من جميعها، واثنتان منها العموم والخصوص الوجهي وهما بين الحمد والشكر اللغويين وبين الحمدين وواحدة منها التساوي وهي بين الحمد اللغوي والشكر العرفي أو العموم والخصوص المطلق على رأي من قيد النعمة في الشكر بوصلها إلى الشاكر ولم تقع نسبة التباين هنا. زهذه النسب الست خمس منها بحسب الوجود والحمل معاً وواحدة بحسب الوجود فقط وهي النسبة بين الحمد اللغوي والشكر العرفي.
واختلف في "أل" في الحمد، قيل للإستغراق وهو قول الجمهور، أي جميع المحامد الأربعة لله تعالى وهي القديمان والحادثان إذ القديم وصفه والحادث فعله فالحمد لغيره إنما هو مجاز. وقيل للجنس أي لحقيقة الحمد التي هي الوصف بالجميل الخ ... وعليه صاحب الكشاف قال السيد: اختصاص جنس الحمد لله تعالى يستلزم استلزاما ظاهرا اختصاص جميع المحامد به إذ لو ثبت فرد من الحمد لغيره تعالى لكان جنسه ثابتا له في ضمنه فلا يكون الجنس مختصا به والمقدر خلافه. اهـ
وقيل للعهد العلمي وهو الذي أمرنا الله به في الأزل أو الذي صدر من المخلوقات بلسان الحال. وقيل للعهد الذكري وهو ما صدر من آدم عليه السلام حين نفخ فيه الروح فعطس فقال الحمد لله وقيل ما صدر من العرب لأنهم كان يمدح بعضهم بعضا ويضيفون نعم الله تعالى إلى غيره. وحكي عن الشيخ أبي العباس المرسي نفعنا الله به أنه قال: قلت لابن النحاس النحوي ما تقول في الألف واللام من الحمد لله أجنسية هي أم عهدية؟ فقال يا سيدي قالوا أنها جنسية، فقلت له الذي أقوله أنها عهدية وذلك أن الله تعالى لما علم عجز خلقه عن كنه حمده حمد نفسه بنفسه في الأزل نيابة عن خلقه قبل أن يحمدوه بذلك الحمد. فقال يا سيدي أشهد أنها عهدية.
قوله "لله" الله علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد. والمختار أنه غير مشتق وهوقول الخليل وسيبويه وأكثر الفقهاء والأصوليين. وهو أعرف المعارف. يحكى أن الخليل بن أحمد ريء بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي بقولي في اسمه أنه غير مشتق. وحكي أن سيبويه ريء بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال خيرا، وذر كرامة عظيمة فقيل له بمه؟ فقال بقولي إن اسمه تعالى أعرف المعارف.
واختلف في اللام في "لله" فقيل للملك وقيل للإختصاص وقيل للإستحقاق.
قوله "العليم" هو بناء مبالغة من العلم وهو من صفات الذات والحمد يكون مطلقا كالحمد لله ومقيدا كما هنا. واختلف في أفضل ذلك فقال مالكٌ المقيد أفضل لأنه أكثر ما ورد في كتاب الله تعالى وفي خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه. وقال الشافعي المطلق أفضل لأنه يصدق على جميع المحامد كلها معلومها وغير معلومها، قال صلى الله عليه وسلم "لا أحصي ثناء عليك انت كما أثنيت على نفسك". وقيل المقيد بإثبات أفضل من المطلق ومن المقيد بنفي كالحمد لله الذي لم يتخذ ولدا لأنه ورد في القرآن كذلك كثيرا.
قوله "العالي" زصف من العلو المعنوي وأجراه على اسم الجلالة مع أنه لم يرد به نص بناه كما قال صاحب فتح القدوس على ما ارتضاه المحققون كالغزالي من أن الموقوف على التوقيف فيما يطلق على الله تعالى هو ما كان إطلاقه على وجه التسمية بأن يجعل اللفظ من أسمائه تعالى جاريا مجراها لا ما أطلق على وجه التوصيف والإخبار ويشهد له إطلاق كثير من المشتقات عليه تعالى في الكتاب والسنة مع عدها من الأسماء لكن يشترط في جواز الإطلاق ألا يخل الوصف بأدب ولا يوهم نقصا. اهـ
قوله " جلّ الخ ... " جل جلالا عظم وتنزه. والأغراض جمع غرض وهو العلة الباعثة على الفعل وبعبارة هو المصلحة التي اشتمل الفعل عليها لأنه لا يفعل لذلك إلا المقهور المحتاج لما تكمل به والله هو المختار الغني فسبحانه أن يكون له غرض. والأفعال جمع فعل وهو واضح.
يتبع إن شاء الله.
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[25 - 05 - 10, 03:26 ص]ـ
لا تعجل بارك الله فيك فالكتاب قد كتب على الوورد وليتك تراسل الشيخ أحمد مزيد الشنقيطي حول الموضوع
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[25 - 05 - 10, 03:27 ص]ـ
قال الشيخ أحمد مزيد:
فعلا قد فرغها الاخوات قبل سنة تقريبا
¥