تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بطون قضاعة: بلي وكلب وبهراء وبنو نهد وسعد هزيم وبنو مرة وتنوخه وجهينه، ويذكر أن محمد مرتضي الزبيدي في كتابه «تاج العروس» أن جهينه بالضم قبيلة من قضاعة، والجهنه بالضم جهمة الليل، وجارية جهانه بالضم أي شابه، وفي الجمهورة الجهن غلظ الوجه والجسم، وبه سمي جهينه.

ديار جهينه الأولى:

كان الموطن الأصلي للشعب القحطاني بلاد اليمن، في الركن الجنوبي من جزيرة العرب، ولذلك عرفوا باسم عرب الجنوب، وكان قضاعة جد القضاعيين الأكبر علي رواية أهل الأخبار، مثل سائر أبناء سبأ مقيمًا في اليمن أرض آبائه وأجداده، والدكتور عبدالعزيز صالح قد أسهم بقسط وافر في هذا الموضوع، وله آراء تمتاز بالاحاطة والشمول .. منها رأي زكاة عدد من الباحثين مثل «شرادر وكبيرت وهارتمان ودلتش وفريتزهومل» ورأوا أن السبئيين عاشوا أصلا في شمال شبه الجزيرة العربية قرب منطقة الجوف الشمال، واستمروا فيها علي البداوة زمنًا طويلاً، ثم دفعتهم دوافع معينة إلي الاتجاه نحو جنوب شبه الجزيرة قبيل بداية القرن الثامن ق. م، بقليل حيث استقروا فيه، أما الرزي الآخر فقد ألمح إليه باحثون آخرون ونهم «موللر وجلاسر وفنكلر ومايروموزيل» ويرون فيه ان السبئيين عاشوا منذ بداية أمرهم في الجنوب العربي، ولكن جالية منهم اتجهت خلال القرن الثامن ق. م، أو قبله بقليل إلي الشمال، وأقامت قرب واحة «تيماء» ومنطقة «الحوف الشمالي» لترعي المصالح التجارية لقومها في شمال شبه الجزيرة وعلي طرق القوافل المتهجة منها إلي الهلال الخصيب.

وعلي أية حال، يذكر الدكتور محمود عرفة محمود في كتابه «العرب قبل الإسلام» أن سبأ كانت أرضًا خصبة من أغني أراضي اليمن وأثراها وأكثرها جنانًا وأفسحها مروجًا، وبها الأنهار والأزهار، وقد وصفت جنانها بأن الراكب والمار كانا يسيران في تلك البلاد من أولها إلي آخرها، لا تواجهه شمس لاستئثار أرضها بالعمارة الشجرية، وكان أهلها في عيش طيب ورغد كثير، فقد كانت المياه هي أكثر ما يرد إلي أرض سبأ، وأهم المنتجات الشعير والقمح والذرة، فكانت هذه البلاد مخزنًا عظيمًا للغلال.

فضلاً عن النخيل الذي كان يروي من ماء السيول، وأنواع الفاكهة المتنوعة .. والقرآن الكريم يصف تلك المنطقة بتلك الآية الكريمة: «لقد كان لسبأ في مسكنهم آية، جنتان عن يمين وعن شمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور».

ولم يكن لقضاغة أن يترك تلك الجنة، لولا أن مشاجرة نشبت بينه وبين وائل بن حمير فآثر الهجرة إلي «الشحر» وهي بلاد بين اليمن وعمان .. وأقام في هذه الأرض مع أبنائه وصار ملكًا عليها إلي أن توفي فيها، فقبره هناك، وصار الملك لابنه الحاف «الحافي» وهو في زغم الاخباريين والد ثلاثة أولاد: عمرو وعمران وأسلم، ومن نسل هؤلاء تفرعت قبائل قضاعة، فمن نسل أسلم: جهينه وسعد هزيم ونهد.

الهجرة إلي نجد والحجاز:

يذكر البكري في كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواقع» ان نزار بن معد اجتمعت علي قضاعة فاقتتلوا، فقهرت قضاعة وأجلوا عن منازلهم وظعنوا منجدين «زي إلي نجد'» وكان أول من طلع من قضاعة إلي أرض نجد فأصحر في صحرائها جهينه ونهد وسعد هزيم، فأقاموا بها زمانًا حتي كثروا، ويذكر الدكتور محمد علي مختار في كتابه «دراسات في تاريخ العرب» ان مما قيل عن القبائل اليمنية، حين كانت تخرج من اليمن متجهة إلي نجد والحجاز مثلا، انها كانت تخرج ومعها ملوكها، فنحن نري منذ البداية قبائل اليمن ليست كقبائل عرب الشمال مجرد «بدو» بل هي حتي حين قدر لها أن تترك أرضها باليمن، تخرج ومعا شيء من حضارة تلك البلاد وتقاليدها، مما كان له حتمًا أثر في عرب الشمال أو العدنانية وفي نشر نفوذ اليمن الحضاري، وهذا النسق من الأفكار يشبه عن قرب ما ذكره الدكتور عبدالعزيز صالح في سياق ما أوردناه عن ديار جهينه الأولي .. أما نجد فهي هضبة عالية تقع وسط جزيرة العرب بين الحجاز غربا والاحساء والبحرين وقطر شرقًا .. وصحراء الشام شمالا، وصحراء الاحقاف والدهناء جنوبا .. وتبلغ مساحتها أكثر من عشرة آلاف ميل مربع، وتتكون من سلسلة هضاب تحيط بها مناطق واقعة في سفوح جبل شمر شمالا وجبل طيق جنوبا وجبال الحجاز غربا، وعلي الرغم من كونها هضبة صخرية فإن فيها كثيرا من البقاع الخصبة التي تنتج الحبوب كالقمح والشعير والذرة ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير