تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[السنجق]

ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[25 - 10 - 09, 06:17 م]ـ

المحكمة الصربية: البشانقة مسلمون

محمد الأرناؤوط

على الرغم من أن العمل المسلح في جنوب صربيا "كوسوفا الشرقية كما يدعوها الألبان" أرغم بلغراد على الاعتراف بمسؤولية نظام ميلوشيفيتش بالغبن الذي لحق بالسكان الألبان المسلمين هناك - ومن ثَم اقتراح برنامج لتنمية المنطقة يقوم على مشاركة السكان المسلمين هناك في السلطة المحلية (الإدارة والشرطة… إلخ) - فإن هذا الموقف إنما يكشف أن مشكلات المسلمين في صربيا لم تكن تقتصر على كوسوفا، وأنها كذلك لن تقتصر على جنوب صربيا؛ إذ إن هناك مشكلة أخرى في غرب صربيا تتعلق بإقليم السنجق والسكان المسلمين فيه.

السنجق .. جسر وحاجز

فقد كان إقليم السنجق - بحدوده المعروفة الآن يشغل - موقعًا مهمًّا يربط ما بين صربيا والبوسنة والجبل الأسود وألبانيا وكوسوفا. وفي الحقيقة، فقد كان هذا الإقليم جزءًا أو سنجقًا من ولاية البوسنة؛ ولكن بعد احتلال النمسا للبوسنة في 1878 ضم هذا السنجق لولاية كوسوفا المجاورة. وخلال 1878 - 1912 كان السنجق (أو سنجق نوفي بازار كما كان يعرف) يشغل موقعًا حساسًا للغاية؛ إذ كان يشكل الجسر الذي يربط البوسنة بكوسوفا والحاجز الذي يفصل صربيا عن الجبل الأسود؛ ولذلك فقد كان موقعه باستمرار هدفًا للسياسة التوسعية لصربيا والجبل الأسود في المنطقة، حيث وقّعتا منذ 1876 اتفاقًا سريًّا لاقتسامه في أول فرصة تسنح لهما.

وخلال الحرب البلقانية 1912 - 1913 اقتحمت جيوش صربيا والجبل الأسود أراضي السنجق وكوسوفا، وتم اقتسام السنجق مناصفة بين الدولتين. كما تم أيضًا اقتسام كوسوفا بينهما. ومع هذا الاقتسام - الذي أدى إلى توسع وتجاور صربيا والجبل الأسود - مارست الدولتان سياسة عنيفة ضد المسلمين هناك لدفعهم إلى الارتداد عن الإسلام واعتناق الأرثوذكسية أو الهجرة من السنجق.

ومع تشكيل يوغسلافيا في 1918، جرى صهر السنجق وكوسوفا في التقسيمات الإدارية الجديدة حتى تضيع هوية الإقليم، واستمرت الضغوط على المسلمين هناك، حيث هاجر عشرات الآلاف إلى تركيا.

وعلى الرغم من أن المعارضة السياسية للنظام الملكي (بقيادة تيتو) اعترفت بالهوية المميزة للسنجق وكوسوفا، وسمحت بتشكيل قيادة مستقلة في "حرب التحرير الشعبية" خلال الحرب العالمية الثانية - مما كان يوهم بالاعتراف بهما خلال الفدرالية المقترحة - فإن القيادة اليوغسلافية الجديدة أقرت تقسيم السنجق من جديد بين صربيا والجبل الأسود. وهو ما كان مقترحًا أيضًا بالنسبة لكوسوفا التي نجت في اللحظة الأخيرة من هذا المصير.

ونتيجة لهذا التطور - ولاستمرار الضغوط على المسلمين في الخمسينيات - هاجر المزيد من المسلمين من السنجق، وشجعت بلغراد الصرب والمونتنغريين على الاستيطان هناك لتأكيد الطابع الصربي/ المونتغري للسنجق.

تمثيل مؤقت للمسلمين

ونظرًا لأن هذه السياسة (سياسة التهجير) توقفت في 1966 - بعد إزاحة "الرجل الثاني" ألكسندر رانكوفيتش، الذي حمل مسؤولية التجاوزات التي كانت تتم ضد المسلمين - فقد سمح للمسلمين أن يُعبّروا عن أنفسهم بشكل مستقل في الإحصاء الذي كانت تستعد له يوغسلافيا في 1971.

وفي هذا الإطار تم التوصل إلى اتفاق سياسي يسمح للمسلمين في البوسنة والسنجق بالتعبير عن أنفسهم كشعب مستقل لأول مرة كـ "مسلمين" بالميم الكبيرة " Muslimani"؛ وذلك عوضًا عن "بشانقة" كما كانوا يرغبون. وذلك للتمييز عن "المسلمين" بالميم الصغيرة muslimani الذين يقصد بهم كل من يعتنق الإسلام في يوغسلافيا.

ومع أن هذا الاسم قوبل بتحفظ من أكثر من طرف، فإنه - على كل حال - أبرز الأغلبية البشناقية/ المسلمة سواء في البوسنة أو في السنجق، التي أخذت تعزز دورها في الحياة السياسية والثقافية بناء على ذلك.

عودة الاضطراب بعد وفاة تيتو

ولكن بعد وفاة تيتو في 1980 عاد الوضع إلى الاضطراب بصعود المد القومي الصربي، الذي اعتبر أن الاعتراف بالبشانقة/ "المسلمين" - كشعب - "بدعة" تيتوية لتحجيم نفوذ صربيا في يوغسلافيا. ويعود ذلك إلى النزعة القومية الصربية - منذ نهاية القرن الماضي - حيث كانت تعتبر المسلمين في البوسنة والسنجق من الصرب الذين لا يختلفون عن غيرهم سوى باعتناق الإسلام.

عودة "البشانقة" بعد انهيار يوغوسلافيا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير