[ما عاشه الأندلسيون من أهوال في هجرتهم إلى أرض الإسلام]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[30 - 09 - 09, 01:41 ص]ـ
[ما عاشه الأندلسيون من أهوال في هجرتهم إلى أرض الإسلام]
بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
الولاء للمسلمين و البراء من الكافرين
عبّر المورسكيون عن ارتباطهم الوثيق بالعالم الإسلامي عبر مواقفهم من المعارك التي دارت رحاها بين المسلمين و النصارى في البحر المتوسط , فكم آلمتهم هزائم الأتراك العثمانيين أمام الأسبان, و كم كانت سعادتهم كبيرة لانتكاسات النصارى أمام المسلمين.
ففي منطقة Carinena, لم يستطع المورسكيون إخفاء فرحتهم لما وصلهم سنة 1574م نبأ فتح العثمانيين لحلق الوادي و تونس. (1) كما أصيبوا قبل ذلك بنكسة كبيرة لمّا هُزِم الأسطول العثماني في معركة ليبانتو.
و في بداية القرن 17 احتفل المورسكيون البلنسيون علنا بانتصار مسلمي شمال إفريقيا على النصارى, كما أورد ذلك بامتعاض المؤرخ الإسباني داميان فونسيكا: ''كانوا يغتبطون أيّما اغتباط بنجاحات المسلمين الأفارقة و نكسة جيوشنا, كما حصل في شهري غشت و شتنبر 1601 لمّا أقاموا احتفالات ابتهاجا بفشل مخطط النصارى'' (2)
كلّما أثيرت نكسة الحملة الثانية للأسطول الملكي ''الراسي في الجزائر ضد الموروس, أعداء ديننا المقدس'' و تعزى تلك النكسة إلى رداءة الأحوال الجوية, كان المورسكي ألونسو دييغو دي سانتا كروث يظهر الفرح و يصيح: ''كيف لا يكون الطقس رديئا و هم عازمون بتحولهم إلى هناك على نهب هؤلاء المساكين و الشهداء الذين يعيشون في الجزائر, و قد صرحوا بذلك للمسلمين؟ '' (3) و كان هذا في سنة 2154, أي في السنة الموالية لنكسة أسطول شارل الخامس الموجه ضد الجزائر. و في قضية أخرى اتُّهم دييغو الطليطلي بالانحياز إلى الأتراك و الفرنسيين و التعبير عن ابتهاجه خلافا للمسيحيين: ''هذا بسبب الأهمية التي كان يوليها و لازال لدين محمد, و كلما كان الأمر يتعلق بانتصار يحققه الإمبراطور شارل الخامس على الأتراك و الموروس, كان يبدي كآبته و يُظهر غمّه و يقول أن ملك فرنسا سيتدارك ذلك, أما إذا تعلق الأمر بتسجيل الموروس انتصارا ضد الامبراطور فإنّه يعبر عن عميق سروره, و كان يُكثر الكلام بإعجاب عن الأتراك و الموروس, غير أنه عندما يُمنعُ من القيام بذلك يرجع إلى بيته في حالة هيجان كبير'' (4).
كذلك, في سنة 1601 أحيط مورسكيو بلنسية علما أن أسطول جلالة الملك, يتهيأ للقيام بحملة ضد الجزائر, و قد سارعوا بإخبار ''الأفارقة المغاربة''. و قد أقاموا بعد نكسة الحملة, حفلات كبيرة: '' و كانوا يشكّون أن أسطول جلالته قد اجتمع للهجوم على الجزائر و عليه قام المورسكيون بإرسال زورق لإحاطة الأفارقة علما بهذه الحملة. و عندما فشلت أقاموا جميعا في إسبانيا حفلات رقص كبيرة.’’ (5)
لكن محكمة التفتيش كانت لهم بالمرصاد و عاقبتهم كلما أبدوا مظهرا للتعاطف مع أعداء إسبانيا, و كانت بذلك تُكرّس إحساسهم بالانتماء إلى عالم آخر يختلف كل الاختلاف عن عالم النصارى القشتاليين, و تُقرّبهم إلى عدو إسبانيا الاستراتيجي: ''الدولة العثمانية''.
من خلال دراسة التقرير الذي كتبه Jean Thévenot عن رحلته إلى المشرق سنة 1656م, و وصفه الدقيق لعادات و تقاليد الترك بالقسطنطينية, نرى أنها هي نفسها تقريبا التي مارسها مورسكيو كوينكا Cuenca, بلنسية و أراغون 60 سنة قبل ذلك, على الأقل أولئك الذين لم يبغوا عن الثقافة القرآنية بديلا. إنه نفس الإسلام, نفس طقوس تجهيز الموتى, نفس الاحترام للتقليد الرمضاني بين ضفتي المتوسط, نفس الاهتمام الدقيق بالنظافة قبل أداء الصلاة. (6)
ابتداءا من منتصف القرن 16, استيقن المورسكيون أن سياسة الدمج القسري التي انتهجها الملك الفليب الثاني لا رجعة فيها, فاختار العديد منهم الهجرة على الارتداد عن دينهم الإسلامي. فبالرغم من أن عدد الذين هاجروا صعب التحديد , لكن يُمكن اعتباره كبيرا نظرا لاهتمام محكمة التفتيش بهم ابتداءا من 1544, حيث أدانت و حكمت بالموت حرقا, إما حضوريا أو غيابيا, على من حاول الفرار من رقابتها (7) , واعتبرت على لسان عدو المورسكيين المؤرخ فونسيكا أن:''أولئك الذين يفرون إلى الجزائر مسلمون أكثر من أبناء ذلك البلد'' (8) في إشارة إلى
¥