ما قلّ ودل بين أبو علي الهجري وحمد الجاسر
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[08 - 09 - 09, 02:24 ص]ـ
مقال: عبد الغفور عبد الكريم عبيد
وقع في يدي كتاب نافع مفيد يتحدث عن أبي علي الهجري ويعتني بأبحاثه في تحديد المواضع؛ وهو بقلم الشيخ الجليل حمد الجاسر رحمه الله الذي كان له عشق مديد مع الآثار والأنساب والتنقيب والبحث؛ ومعلوم أن أبا علي هو هارون بن زكريا الهجري النحوي صاحب كتاب (النوادر والتعليقات المفيدة).
يقول المؤلِّف الشيخ حمد الجاسر: إن الهجري فضلاً عن كونه عالماً لغوياً وأديباً ذا عناية بالشعر وتذوق وفهم وإدراك؛ وتمييز لجيده من رديئه وباحث جغرافي حاول أن يجدد كثيراً من المواضع التي يتوقف على تحديدها فهم الشعر العربي ونسَّابة عني بكتابة قسم من أنساب قبائل الجزيرة في عصره بطريقة وإن كانت موجزة وغير مرتبة؛ إلا أنها حفظت لنا شيئاً كثيراً ذا قيمة في موضوعه؛ أن هذا العالم تصدى لناحية لا نجد عالماً من العلماء الذين عرفناهم تصدى لها في ذلك العصر؛ لقد حاول أبو علي الهجري في كتابه الذي وصلت إلينا قطعتان منه أن يسجل كل ما يستطيع تسجيله من أدب الجزيرة شعراً؛ ونثراً؛ ولغةً؛ وتحديد مواضع؛ وذكر أنساب؛ ووصف حياةٍ؛ كل ذلك اعتماداً على علماء من سكان الجزيرة أنفسهم؛ ومما سمعه من أفواه أولئك السكان الذين عاش بينهم وخالطهم وامتزج بهم لأنه واحد منهم.
ثم أشار الشيخ حمد إلى مكانة مكة المكرمة ثقافياً ودينياً؛ لأنها أصبحت مركزاً للثقافة الإسلامية العربية؛ يجتمع فيها مع العلماء في كل عام ما لا يجتمع في أي مدينة أخرى من مدن الإسلام؛ ثم امتدح المؤلّف الأندلس وقال: لقد كان علماء الأندلس يفدون إلى مكة المكرمة لا للحج وحده ولكن لينشروا علماً؛ وليستزيدوا منه وليكونوا صلة شرق البلاد وغربها بالعلم والثقافة.
وبيَّن أيضاً عن موطن الهجري وسُكانه؛ وكان الهجري كثير التنقل ويتردد على مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ وإقامته في المدينة كانت أكثر.
والكتاب يهتم أو يهم من له صلة بمعرفة الآثار والأنساب؛ لأن هذا العلم من أمتع العلوم؛ وقد ألّف فيه خلق كثير وكتب عنه علماء أفذاذ قديماً وحديثاً؛ يقع الكتاب في 443 صفحة من الحجم المتوسط؛ وهو من منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر وذلك في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية؛ سنة 1388هـ وبالله التوفيق.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[08 - 09 - 09, 02:48 ص]ـ
مقال: مصعب الجهني
هارون بن زكريا الهجري:
كنيته أبو علي الهجري؛ عالم لغويٌ؛ وأديبٌ؛ ذا عناية بالشعر؛ وباحث جغرافي حدد كثير من المسميات والمواضع في شبه جزيرة العرب؛ وهو أيضاً نسابة كبير عني بقسم كبيرة من الأنساب لعدد كبير من القبائل؛ ورجح الأستاذ حمد الجاسر نسبته إلى هجر في شرق الجزيرة العربية وهي ما تعرف اليوم بالأحساء؛ وأورد الجاسر كثيراً من الأسباب التي دعته إلى ترجيح نسبة الهجري إلى الأحساء؛ وهذا خطأٌ من الشيخ رحمه الله فالهجري نسبة إلى هجر مكان بقرب المدينة؛ كان أبو على الهجري مؤدباً لأبناء طاهر بن يحيى بن الحسن الحسيني الطالبي أمير المدينة حيث كان يسكن؛ فاستقر به المقام عنده في المدينة وكان منزله بوادي العقيق؛ وكان الأمير طاهر مولعاً بالأنساب وقد ألف كتاباً في النسب؛ ويبدوا أن الهجري ألف كتابه العقيق لأمير المدينة؛ وقد التقى الهجري في مكة سنة 288هـ بلسان اليمن الحسن الهمداني المتوفى سنة 334 هـ صاحب كتابي: (الأكليل من أخبار اليمن وأنساب حمير) (وصفة جزيرة العرب)؛ وكذلك التقى بعدد كبير من علماء الأندلس الذين جاءوا إلى حج بيت الله الحرام وزيارة الرسول؛ كابن ثابت السرقسطي صاحب كتاب الدلائل المتوفى سنة 302هـ؛ وهو الذي أدخل كتب الهجري للأندلس؛ وقد مكنته تلك اللقاءات من الاطلاع على كثير من علوم عصره؛ وللهجري صاحب الترجمة من المؤلفات: كتاب التعليقات والنوادر – وهما مخطوطتان إحداهما في مكتبة جامعة كلكتا بالهند؛ والأخرى في دار الكتب المصرية؛ وكتاب العقيق؛ وتوفى الهجري قبل سنة 300هـ تقريباً.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[09 - 09 - 09, 12:07 ص]ـ
عالم الجزيرة المغمور أبو علي الهجري:
ونجد أبا علي الهجري يورد في التعليقات والنوادر أشعاراً رواها له أو قالها أبناء البادية الذين احتك بهم في حياته أثناء إقامته بالمدينة؛ يقول الشيخ علامة الجزيرة الجاسر: (إن أبا علي الهجري استطاع أن يجمع ذخيرة طيبة من علم أهل البادية؛ وهو يعيش بينهم لم يغادر بلادهم؛ ولم يتلق شيئاً من ذلك العلم المتعلق بهم عن غيرهم) ويكرر الجاسر هذه الحقيقة ويؤكدها فيقول: (إن الهجري قد عني عناية خاصة بتدوين أدب الجزيرة ومعارفها عن معاصريه من أهلها؛ ولهذا قل ما ينقل عن غيرهم؛ ووجه عنايته لتدوين أشعار معاصريه ومن قاربهم في الزمن؛ ويبدو أن الهجري عاش أثناء تأليف كتابه في العقيق بقرب المدينة؛ حيث مجالس السمر وندوات الأُنس وكان رؤساء القبائل وشعراؤهم يفدون على أمراء تلك البلدة؛ فكان يتلقفهم؛ ويتلقى عنهم؛ ويسجل ما يملون عليه؛ ولهذا نجد كتابه يحوي شعر كثير من القبائل التي كانت ذات صلة بالمدينة)
ويبلغ عدد أبيات القصائد والأراجيز التي تلقاها الهجري مشافهة من أبناء البادية أكثر من سبعة آلاف بيت من الشعر الفصيح.
¥