تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كتاب "الحرب ضد الموريسكيين" تأليف بيريث دى إيتا، ترجمة عائشة سويلم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 10 - 09, 01:14 ص]ـ

مقدمة المراجع

هذا الكتاب –وإن كان يحمل عنوانا مستقلا- هو الجزء الثانى من كتاب "الحروب الأهلية فى غرناطة" لبيريث دى إيتا الذى صدر عن المركز القومى للترجمة منذ أيام.

يتناول هذا الجزء الثانى وقائع الحرب التى دارت فى الجنوب الإسبانى بين الموريسكيين الذين ضاقت بهم الأحوال و بين السلطات الرسمية التى أرادت فرض المذهب الكاثوليكى على كل من يقيم فى شبه جزيرة إيبيريا. تقول بعض الروايات إن الثورة اندلعت عام 1568 إثر تجريد شريف مسلم من سلاحه فى غرناطة. من الصعب أن نتخيل أن حربا شاملة تستمر ثلاثة أعوام تنشب بسبب عابر مثل هذا، ونميل إلى الجزم بأن الواقعة المشار إليها كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، أو نقطة الماء التى ملأت الكوب كما يقول المثل الإسبانى. عموما فإن بيريث دى إيتا يتحدث عن اتصالات أجراها موريسكيو البشرات مع العثمانيين ومع ملك الجزائر فى وقت سابق على تلك الحادثة، ويرى أن الزعيم المسلم قد تعمد المخالفة حتى يجد مبررا للثورة. إن من يطالع القرارات المتلاحقة التى كانت السلطات المسيحية تصدرها لحرمان المسلمين من التحدث باللغة العربية ومن ارتداء لباسهم الطبيعى وغير ذلك، يدرك على الفور أن الوضع كان متأزما وأن الثورة كانت آتية لا محالة.

يثقل على المرء أحيانا أن يقرأ شيئا قرأه قبل ذلك. أضيف هنا أن هذا الأمر ثقيل على الكاتب أيضا. أشعر بذلك وأنا أشرع في تقديم هذا الكتاب، إذ أحتاج إلى تكرار بعض سطور كتبتها لتقديم كتاب “الحروب الأهلية فى غرناطة" الذى ذكرناه للتو، ذلك أن قارئ هذا الكتاب ربما لم يطلع على الجزء الأول، ولهذا يجب أن نشير إليه ولو بإيجاز.

عرضنا فى المقدمة السابقة مفهوم الرواية التاريخية، وعلى ضوء التوضيح طرحنا تساؤلا: هل "الحروب الأهلية فى غرناطة" رواية تاريخية؟ كانت إجابتنا بالنفى، إذ رأينا أن المؤلف تخلى تماما عن الدقة مما أدى إلى خلط الوقائع التاريخية، ونسب إلى شخصيات معينة ما فعلته شخصيات أخرى. إن بيريث دى إيتا يخلط بين ملكين تولى كل منهما عرش غرناطة، يجمع بينهما أن كلا منهما يدعى أبو عبد الله، وكلا منهما يلقب بالصغير. الملك الأول هو الذى اتهم أحد الفرسان بمغازلة زوجته –فهيمة-، لكن المؤلف ينسب القصة إلى زوجة أبى عبد الله الصغير –آخر ملوك غرناطة المسلمين- التى لا نعرف لها اسما. (وأغلب الظن أن قصة غرام الملكة بابن حامدى السراجى لم تقع أصلا، فلو كانت وقعت لأوردها المقرى صاحب نفح الطيب أو ابن خلدون). يقع تحت باب مخالفة التاريخ كذلك القول بأن الملك أبا الحسن قد أسر، والصحيح أن الذى أسر هو أبو عبد الله الصغير فى معركة اللسانة. صحيح أن الرواية التاريخية بالمعنى الذى أشرنا إليه لم تكن قد ولدت بعد، لكننا وجدنا من بين النقاد الإسبان من يتحدث عن "الحروب الأهلية فى غرناطة" على أنها رواية تاريخية فآثرنا أن نورد هذا التوضيح.

فى هذا الجزء الذى نقدم له يظهر ملك "صغير" آخر، لكنه هنا صغير الشأن، إذ لم يمارس سلطته إلا على رقعة صغيرة من التراب الإسبانى.

"الحروب الأهلية فى غرناطة" تجمع بين "التاريخ" والأدب، بل يغلب عليها الطابع الأدبى وإن كان أدبا دعائيا فيه حديث كثير عن دخول مسلمى غرناطة فى المسيحية جماعات وأفرادا. نحن نرى أن هذا من باب الأدب الدعائى الذى عهدناه فى أدب القرن السادس عشر الإسبانى، ودليلنا على ذلك فى غاية البساطة: لو كان الأمر كذلك فلماذا تمسك الموريسكيون بإسلامهم ما يزيد على قرن من الزمان رغم محاكم التفتيش وأهوالها ورغم الصعوبات وانقطاع الصلة مع بقية العالم الإسلامى؟ أورد هذه المعلومة حتى يدرك القارئ موقف المؤلف من رواية الأحداث فى الجزء الثانى الذى نقدم له الآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير