تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تقربهم إلي الله زلفي.

ويؤثر عن أسلاف جهينه، أنهم عبدوا الإله «ود» وقد وجد في النصوص كتابات مثل: «أموت علي دين ود» وأيضًا «يا إلهي ود احفظ لي ديني وأيده» وكان الاسم «ود» من أسماء الاصنام التي أوردها القرآن الكريم ـ وذهب البعض ومنهم الدكتور شوفي عبدالحكيم في كتابه «أساطير وفولكلور العالم العربي» استنادًا إلي لفظة «ود» العربية التي مازالت متواترة بمعني «المودة أو التودد» إلي أن هذا المعبود الذي هو القمر، يعني الود والتحية .. كما ورد صراحة في أشعار النابغة الزبياني: «حياك ود» ولنا أن نقول كذلك إن الإله ود هو الإله «المقة» ومن هذا الاسم جاءت تسمية مكة.

ينبغي أن نضيف إلي ما سبق، انه قد عرف بالتحديد في ممالك سبأ، وكذلك عرف بنفس اسمه لسومري في الألف الرابع ق. م «سين» عند الحضرموتيين، وكان هذا الإله القمري «سين» ابن الإلهة «عشترت» في كتابات المسند الحضرموتية وكان تمثالا لفارس محارب.

وهذا النسق يشبه عن قرب ما أورده الدكتور عبدالعزيز صالح من أنه أنشأ معبد العاصمة السبئية «صراوح» الكبير لمعبود دولتها الأكبر الذي أطلق عليه اسم «المقة» ربما الإلة المقتدر أو الآمر أو الإله لبهي أو الجميل، وتأكيدًا لقداسة أصلهم تلقب حكام سبأ بلقب «ولد المقة» أي أبناؤه، وخص السبئيون معبودهم الأكبر هذا بربوبية القمر واعتبروه «سيد وعول صرواح» بما يعني تعدد المعبودات فيها إلي جانبه ورئاسته لهم، وقدسوا معه في معبد العاصمة ربة باسم «حريمت» ربما كزوجة له، وهي ترمز في أغلب الظن إلي ربوبية الشمس، وهكذا توفرت للقمر عندهم وعند بقية عرب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام منزلة أكبر من منزلة الشمس، علي عكس شعوب الهلال الخصيب الزراعية، ربما لانتفاع أهل شبه الجزيرة بالقمر في مسري القوافل وتوقيت الهور، مع شدة هجير الشمس وقسوتها لاسيما في البيئات الصحراوية.

ويقول «الكبي» في كتابه «الأصنام» عن المقة أو «ود»: «تمثلا كأعظم ما يكون من الرجال، عليه نقش وحلتان متزر بواحدة ومرتد بأخري، عليه سيف، قد تنكب قوسًا، وبين يديه حربة بها لواء وجعبة فيها نبل، وقد بقي «ود» قائمًا في مكانه إلي أن بعث رسول الله «خالد بن الوليد» إلي دومة الجندل، فهدم الصنم وكسره.

أما «نسر» حسب ما ذكره الدكتور محمود عرفة محمود فقد كان موضعه بلخع من أرض سبأ، وكان علي هيئة الطائر المسمي باسمه، ولم تقتصر عبادته علي العرب الجنوبيين، بل انتشرت عبدته في شمال الجزيرة العربية، فقد وجدت تماثيل علي صورة نسر منحوتة علي الصخور خاصة في أعالي الحجاز.

كما عبدت بعض قبائل قضاعة الإلهة «مناه» ويذكر «الكلبي» أن صنمها كان منصوبًا علي ساحل البحر الأحمر، وبين مكة والمدينة، كما كان معبودًا لقبائل «الأوس والخزرج» من أهل يثرب «المدينة»، ويضيف أن العرب كانوا يعظمون الإلهة مناه ويذبحون لصنمها، كما أنهم تسموا باسمه .. و «العبعب» هو صنم كان لقضاعة ومن داناهم، وعبدت قضاعة «الأقيصر» وكانوا يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده، وورد ذكره في كثير من أشعارهم، ولقد كانت جهينه جزءًا من مجمع الحجاز، لذلك ارتبطت بما ارتبط به العرب في شبه الجزيرة، فكانت تشارك في حج البيت الحرام في الكعبة، وتساهم في حماية الأشهر الحرم، وقال «اليعقوبي» كانت تلبية قضاعة في الجاهلية إذا حجت: «لبيك عن قضاعة، لربها دفاعه، سمعًا له وطاعة».

وينبثق عن هذا الموضوع ويتفرع عنه، ما يعرف عند العرب بالكهانة، التي اشتهر بها العرب جميعًا قبل الإسلام، وقد كان للكهان علي ما يتبين من قصص الاخباريين، أثر كبير في حياة العرب قبل الاسلام، واشتهرت بها جهينه علي وجه الخصوص، بدليل الآية الكريمة التي نزلت في حق يهودي اختصم مع مسلم، فكان المسلم أو المنافق يريد الاحتكام لي الكاهن، وكان اليهودي يدعو إلي النبي أو المسلمين، لاتهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلي كاهن من جهينه، فنزل الوحي بتوبيخ ذلك المنافق، وقد أشار بعض الاخباريين إلي كاهن ظهر في جهينه عرب بحارثة جهينه .. كان من أكهن العرب وأسجعهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير