تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما حرصت الدولة أيضاً على اقتطاع جزء من دخلها العام لتمويل المشروع الحجازي، فأصدرت طوابع تمغات متعددة الفئات المالية في كافة دوائرها الحكومية والبيروقراطية، وجمعت جلود الأضاحي وباعتها وحملت عائداتها إلى ميزانية المشروع. إضافة إلى أن نظام البدء الفوري في تشغيل رحلات الركاب والبضائع في الأجزاء التي اكتملت من الخط الحديدي، كانت مصدراً آخر من مصادر التمويل.

ورغم الانتهاء من إنشاء المشروع الحجازي، وانسحاب العثمانيين من المنطقة مع حلول عام 1918م، وتخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه مع نشوب الثورة، إلا أن التبرعات لم تتوقف وظلت تتدفق من مختلف أنحاء العالم. ولا ريب أن هذه الهمة العالية والتنافس في فعل الخيرات قد أظهر للعالم كله مدى عمق الأخوة الإسلامية وقوتها ورحابتها.

حركة القطار

في الأول من سبتمبر عام 1908م والموافق للعام الثاني والثلاثين من جلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية، قام بافتتاح خط حديد الحجاز وسط مراسم رسمية مهيبة. وكانت قبل ذلك "لجنة خط حديد الحجاز" قد قامت نيابة عن السلطان بافتتاح المحطات الممتدة على خط سكة الحديد في احتفالات رسمية أيضاً.

وكان لغير المسلمين أيضاً الحق في استخدام المحطات البينية الموجودة على خط حديد الحجاز، غير أنه لم يكن من المسموح لهم الوصول بالقطار إلى المدينة المنورة، وكان للخط دور في نقل الأموال. وأسدى قطار الحجاز خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، واستُخدم أيضاً في بعض الأغراض العسكرية مثل نقل الجنود من منطقة إلى أخرى. كما قام القطار بنقل البضائع بين المناطق المختلفة، وهو ما أحدث انتعاشة في الحياة الاقتصادية والتجارية.

وتحددت أوقات تحرك القطارات وفقاً لمواقيت الصلاة. فكانت القطارات تتحرك على نحو لا يخل بأوقات الصلاة. فإذا ما دخل وقت الصلاة توقف القطار وتوجه الركاب لأداء الصلاة في العربة المخصصة لذلك.

الدلالة الدينية

قد تكون نظرتنا قاصرة إذا نظرنا إلى البعد الديني للخط الحجازي في نقله للحجاج فحسب. فالقطار الحجازي كان يؤدي في الوقت ذاته مهمة عريقة، ويحافظ على تقليد يضرب بجذوره في التاريخ وهو إرسال "الصرة السلطانية" إلى الحجاز. وكان السلاطين العثمانيون كلهم تقريباً يقومون بتجهيز قدر كبير من الأموال عُرف بـ"الصرة السلطانية" وإرسالها إلى الحجاز. وهو تقليد يرجع بجذوره إلى العباسيين ثم إلى العثمانيين اعتباراً من السلطان العثماني "يلديرم بايزيد".

وكانت "الصرة السلطانية" قديما تبدأ رحلتها في بداية كل ثلاثة أشهر عبر الطريق البري. وعرفت الطريق البحري مع استخدام السفن البخارية منذ عام 1864م، ثم أصبح لها مكانها الخاص في القطار الحجازي بعد عام 1908م. وكانت أموال "الصرة السلطانية" مخصصة للإنفاق على كافة الخدمات في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مثل شؤون الإعمار والإصلاح وغيرهما، ودفع رواتب العاملين هناك. كما كانت أيضاً مصدراً من مصادر توفير الراحة وتيسير مناسك الحج لزوار بيت الله الحرام. إضافة إلى أن القطار الحجازي قد وفر لوفد "الصرة السلطانية" رحلة سريعة ومريحة وآمنة.

وأخيرًا وبهذه المناسبة نتوجه بخالص العرفان بالفضل والدعاء بالرحمة لأولئك الذين عملوا على إنشاء خط سكة حديدية الحجاز، وأولئك الذين سقطوا شهداء خلال أداء واجبهم فيه، وأولئك الذين اقتطعوا من أقواتهم ومدخراتهم للمساهمة فيه، وأولئك الذين بذلوا النفس والنفيس بكل تجرد وإخلاص لذلك المشروع.

ــــــــــــــــ

(*) الترجمة عن التركية: د. طارق عبد الجليل.


(*) كاتب وباحث تركي.

ـ[محمود المنصور]ــــــــ[12 - 11 - 09, 12:13 ص]ـ
رحم الله أمير المؤمنين السلطان عبد الحميد الثانى وأسكنه فسيح جناته .. كان رجلاً لو كان معه رجال!!!

مع تحفظنا على بعض الدخن فى منهجه لإرتباطه بالصوفية غفر الله له وعفى عنه .. على الجملة كانت له آياد بيضاء فى خدمة المسلمين وأثنى عليه العلماء ومدحه المؤرخون .. فرحمه الله رحمة واسعة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير