تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعلمت مبادئ القراءة و الكتابة على يد الوالد رحمه الله و بدأت أحفظ كتاب الله بدءا من قصار السور من آخر المصحف كما جرت العادة و العرف و ما إن وصلت إلى سور تبارك الملك حتى أصبت بشلل تام منعني من الدراسة و حال بيني و بين القيام على رجلي، و لم تفكر الأسرة في طبيب و لا علاج و لكنهم كانوا يذهبون بي إلى بعض الأضرحة -غفر الله لهم- بقيت أسير الشلل ثلاث سنوات إلى آخر سنة 1953م وهي السنة التي نفي فيها السلطان محمد الخامس و أسرته خارج الوطن، استأنفت حفظ كتاب الله تحت رعاية الوالد رحمه الله فأتقنته و أحكمته لفظا و رسما بفضل من الله و فتح منه تعالى في سنتين ونصف بحيث لم يأت النصف الأخير من سنة 1956م وهي فجر الاستقلال إلا وقد بعثني الوالد إلى المدرسة الجزولية لتعلم مبادئ العربية و الفقه و مفاتيح العلوم الأخرى تحت رعاية الشيخ أحمد بن عبد الرحمان السليماني الحسني و لما كان صديقا للوالد فقد أولاني رحمه الله عناية خاصة و حفظت على يديه كثيرا من المتون في العربية و الفقه كالاجرومية و نظمي الزواوي و الجمل و لامية الأفعال وألفية ابن مالك و تحفة ابن عاصم و متن المرشد المعين و متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني و بعض المتون الأدبية، كما حضرت أيضا شرح كثير من هذه المتون صحبة زملائي الطلاب و تلقيناه عنه رحمه الله و كان الذي استفدناه من أدبه و سمته و حزمه و صرامته أكثر مما استفدناه من علمه.

مكثت عند هذا الشيخ سنة و بضعة أشهر.

كان الطلاب من الجيل السابق لجيلي ممن سبقني إلى طلب العلم يدرسون في مدرسة أخرى بمركز تنمار الإداري في قبيلة «إذاكلول» من قبائل حاحة الكبرى و كانت تبعد عن الجزولية بحوالي ستين كيلومترا، و كان لها صيت و شهرة، و كنا حين نلتقي بطلابها نلاحظ فيهم شجاعة أدبية و جرأة على الكلام و انتقاد الأساليب العتيقة في التعليم لدى بعض الشيوخ كما كنا نعجب كل العجب من هجومهم على الطرق الصوفية و انتقادهم لزواياها و اعتراضهم على الأضرحة و غلو الناس فيها، و ما يساق لها من القرابين و النذور فطلبت من الوالد رحمه الله أن يأذن لي بالالتحاق بالمدرسة الهاشمية بتنمار، و آنست منه عدم الرضى إلا أنني لم أزل به حتى أقنعته فوافق على انتقالي إليها و كان اسم الشيخ الذي يديرها و يدرس فيها هو العلامة الخلوق السمح سيدي البشير بن عبد الرحمان السوسي البرحيلي المنبهي الملقب بتوفيق و هو والد الدكتور محمد عز الدين توفيق الأستاذ الداعية المعروف، و قد استفدنا من علمه و أدبه و خلقه و سمته و نفعني الله بذلك.

ثم التحقت بعد سنة أخرى بالمعهد الإسلامي بتارودانت الذي بناه المحسن الكبير «الحاج عبد السوسي» و تديره جمعية علماء سوس، و كان من الأساتذة الذين تلقيت عنهم في هذا المعهد في مختلف العلوم و الفنون جماعة منهم السادة الأفاضل محمد السرغيني و الطيب الباعمراني و عبد المالك أزنير و عبد الرحمان الرسموكي و أحمد الوجاني البودراري و أحمد العدوي و غيرهم، ثم غادرت تارودانت لأسباب لا يتسع الوقت لذكرها بعد سنتين متجها إلى مدينة مراكش حيث التحقت بكلية ابن يوسف ذات الصيت الذائع و التاريخ العريق و أخذت فيها عن شيوخ نظاميين كانوا يتولون التدريس في الكلية و آخرين غير نظاميين كانت لهم دروس خاصة في المساجد. فمن الأولين الشيوخ الأجلاء السادة: الحسين راغب، و أحمد أملاح، و حسن جبران، و عمر فوزي و المختار السباعي، و محمد التازي و محمد الحيحي المعروف ببزي و غيرهم، و من الآخرين غير النظاميين، العلامة الرحالي فاروق رئيس المجلس العلمي بمراكش، و عبد السلام جبران، و القاضي عبد السلام السرغيني و غيرهم.

· فترة العطاء في ميداني التعليم و الدعوة:

تخرجت من كلية ابن يوسف في منتصف سنة 1963م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير