و المعتزلة استطالوا على الأشعرية ونحوهم من المثبتين للصفات والقدر بما وافقوهم عليه من نفي الأفعال القائمة بالله تعالى فنقضوا بذلك أصلهم الذي استدلوا به عليهم في أن كلام الله غير مخلوق وأن الكلام وغيره من الأمور إذا خلق بمحل عاد حكمه على ذلك المحل واستطالوا عليهم بذلك في مسألة القدر واضطروهم إلى أن جعلوا نفس ما يفعله العبد من القبيح فعلا لله رب العالمين دون العبد ثم أثبتوا كسبا لا حقيقة له فأنه لا يعقل من حيث تعلق القدرة بالمقدور فرق بين الكسب والفعل ولهذا صار الناس يسخرون بمن قال هذا ويقولون ثلاثة أشياء لا حقيقة لها طفرة النظام وأحوال أبى هاشم وكسب الأشعري
وقال أيضا في منهاج السنة النبوية (1/ 459)
أكثر الناس طعنوا في هذا الكلام وقالوا عجائب الكلام ثلاثة طفرة النظام وأحوال أبي هاشم وكسب الأشعري وأنشد في ذلك مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو إلى الأفهام الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام
****************************
قال ابن القيم رحمه الله
شفاء العليل (1/ 50)
فلم يثبت هؤلاء من الكسب أمرا معقولا ولهذا يقال محالات الكلام ثلاثة كسب الأشعري وأحوال أبي هاشم وطفرة النظام
************************
قال الشيخ محمد أمان الجامي
في رسالة العقل والنقل عند ابن رشد (الرسالة السادسة) ضمن مجموع رسائل الجامي في العقيدة والسنة ص (274)
ومحالات الكلام ثلاثة - كما يقولون -:
1 – كسب الأشعري.
2 – أحوال أبي هاشم.
3 – طفرة النظام.
أما كسب الأشعري فقد تحدثنا عنه، وملخصه: أن العبد ليس هو الفاعل حقيقة ولكن عند إرادته للفعل يخلق الله الفعل. نقدر أن نقول: إنها جبرية متطورة أو متسترة.
أما أحوال أبي هاشم: المراد بها الصفات المعنوية التي انفرد بإثباتها أبو هاشم دون سائر المعتزلة من نفيه لصفات المعاني، أي أنه ينفي العلم والقدرة والإرادة إلى آخر الصفات ثم يثبت كونه عالما وقادراً ومريداً، وهذه (الكوكنة) هي الأحوال
وأما طفرة النظام: فهي (انزلاقة) انفرد بها النظام المعتزلي دون سائر المعتزلة وهي القول بأن الله خلق هذه الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن، من نبات وحيوان وجبال وبحار، ولم يتقدم خلق آدم على ذريته غير أن الله (أكمن) بعضها في بعض، فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهور هذه الموجودات في أماكنها دون حدوثها ووجودها.
وقد زعم النظام ما زعم متأثراً بأصحاب الكمون والظهور، من الفلاسفة وهي طفرة لم يسبقه إليها أحد قبله.
*****************************
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح (لمعة الاعتقاد)
والجبرية قسمان:
1. جبرية غلاة: وهم الذين يقولون إن المرء ليس له اختيار بتاتا، بل هو كالريشة في مهب الريح وهذا اعتقاد الجهمية، وطوائف من الصوفية الغلاة موجودون اليوم.
2. والطائفة الثانية الجبرية غير الغلاة: وهؤلاء هم الأشاعرة، فإن الأشاعرة يقولون بالجبر لكنه جبر مؤدب؛ يعني جبر في الباطن دون الظاهر، يقولون: ظاهر المكلف أنه مختار، ولكنه في الباطن مجبر، ولهذا اخترعوا لفظ الكسب، فاخترع أبو الحسن الأشعري لفظ الكسب، وقال: إن الأعمال كسب للعباد. ما تفسير الكسب؟ اختلف حُذَّاقهم في تفسير الكسب إلى نحو من اثني عشرة قولا، ولا يهمنا ذكر هذه الأقوال الآن، كنه خلاصة الأمر أنه لا معنى للكسب عندهم، ولهذا قال بعض أهل العلم:
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو لذي الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام ثلاثة لا حقيقة لها
فالكسب إذا أردت أن تفسره أو تستفسر من الأشعري ما معناه لا يكاد يجتمع منهم جماعة على تفسيره بتفسير صحيح، ولهذا ذكر بعض شُرّاح الجوهرة -من متون الأشاعرة المعروفة- جوهرة التوحيد: أنه لابد من الاعتراف بأننا جبرية، ولكننا جبرية في الباطن دون الظاهر، فلسنا كالجبرية الذين يقولون للإنسان مجبر مطلقا، لا، ولكنه مختار ظاهرا، ولكنه مجبر ظاهرا. طيب كيف تفسرون الأفعال التي تحصل من العبد؟ قال: هو كالآلة التي يقوم الفعل بها فإمرار السكين, لا نقول أن السكين هي التي أحدثت القطع، ولكن نقول حدث القطع عند الإمرار، كذلك العبد نقول هو أُجبر على الصلاة؛ أُجبر على الصلاة لما قام، هو عصى وأُجبر على المعصية لما أتى، فيجعلونه كالآلة وكالمحل الذي يقوم بها إجبار الله جل
¥