وعلا، وينفذ فيه حكم الله جل وعلا، وهذا غاية في المخالفة لما دلت عليه النصوص.
*****************************
وقال حفظه الله أيضا في شرح الطحاوية (الشريط الثامن عشر – الوجه الثاني)
الفرقة الثانية من الجبرية هم الأشاعرة والماتريدية ونحا نحوهم ممن غلوا في إثبات المشيئة مشيئة الله جل وعلا وخلقه، وقالوا إن الإنسان ليس مجبورا على كل حال؛ ولكن هو مجبور باطنا لا ظاهرا؛ يعني في الباطن مجبور لا يتحرك بإرادته ولكن في الظاهر تصرفاته بإرادته، فيحاسب على تصرفاته الظاهرة، وأما الذي دفعه في الحقيقة هو أمر باطن مجبر عليه من الله جل وعلا.
وهذا في الحقيقة قول بالجبر، ومشهور عن الأشاعرة أنهم جبرية، ولهذا لما أعترض على هذه الاعتراض على الأشعري في الحساب والعقاب والثواب قال: إن الأفعال يحاسب عليها العبد وينعم ويعذب لأنه كسبها، وكسبه لها من فعله، فإذن يعاقب ويثاب على ما كسب، والله جل وعلا يقول ?لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ? فأخذ من لفظ كسب في القرآن أن الفعل الظاهر كسبه العبد يعني عمله فهو يحاسب على ما ظهر، وهذا الكسب عنده في الواقع ابتدأه أبو الحسن الأشعري دون سابق في هذه الأمة، فلهذا نظر أصحابه في تعريف الكسب، إيش معنى الكسب هذا الذي أحدثه الأشعري لقاء قوله بجبر الباطن؟ يقول إن الإنسان يُفعل به وهو يفعل والأمر يحصل عند حركة الإنسان، مثل قطع السكين للخبزة، أو تكسير العصا للحجر، فإذا ضرب الحجر بالعصا الإنسانُ، يقول: إن الحجر تنكسر لا بالضرب؛ ولكن عند الضرب؛ يعني كسر الله الحجر لا بضرب الإنسان لكن عند ضربه، يعني أن الحجر ليس له خاصية الانكسار بضرب العصا، والعصا ليست لها خاصية الكسر كسر الحجر، والإنسان ليس فيه خاصية أنه يحمل العصا على الحقيقة ويكسر على الحقيقة، ولهذا سماهم السلف نفاة التعليل ونفاة الأسباب؛ يعني ليس ثم شيء ينتج شيئا ليس ثم سبب ينتج مسببا عندهم كل شيء يحصل بخلق له منعزل عن غيره، لا بأسباب غيره، فالماء إذا نزل على الأرض نبت العشب لا بالماء، ولكن عند الإلتقاء، وما جاء في القرآن من ذكر حرف الباء ? وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ? يعني لفظ ?بِهِ? هذا يفسرونه بعنده هذا كثير في التفاسير فتنتبه لهم.
إذن خلصوا إلى أن الإنسان يكسب العمل وتفسير الكسب كيف يجمع ما بين الجبر الظاهر والجبر الباطن بالكسب اختلف فيه الأشاعرة على أقوال كثيرة وخلاصتها أنه لا محصل لها وأنه مجبور لا مختار.
ولهذا قال القائل في البيت المعروف في بعض كتب العقائد المطولة قال:
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو لذي الأفهام الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام هذه ثلاثة أشياء لا حقيقة لها اخترعها أصحابها دون حقيقة.
*******************************
ترجمة النظام
قال ابن ماكولا في الإكمال (7/ 274)
وأما نظام بتشديد الظاء فهو إبراهيم بن سيار أبو إسحاق النظام مولى بني الحارث بني الإرث بن عباد من بني قيس بن ثعلبة وكان أحد فرسان المتكلمين وله شعر مليح رقيق
وقال أبو الحسن علي الشيباني الجزري
اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 316)
النظامي بفتح النون وتشديد الظاء وفي آخرها ميم هذه النسبة إلى النظام واسمه إبراهيم بن سيار تنتسب إليه طائفة من المعتزلة وكان يقول بالقدر وغيره من مقالاتهم ويقول أيضا إن الطعوم والروائح والألوان والأصوات أجسام وإن فاعل العدل لا يقدر على الظلم وكان يدمن شرب الخمر وله فيها أشعار
قال الذهبي رحمه الله
سير أعلام النبلاء (10/ 541 – 542)
النظام
شيخ المعتزلة صاحب التصانيف أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى آل الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم تكلم في القدر وانفرد بمسائل وهو شيخ الجاحظ وكان يقول إن الله لا يقدر على الظلم ولا الشر ولو كان قادرا لكنا لا نأمن وقع ذلك وإن الناس يقدرون على الظلم وصرح بأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم وأنه ليس يقدر على أصلح مما خلق
¥