تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - جاء في بعض الروايات: "حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد" وقد ذُكِرَ ذلك مرتين:

فالموضع الأول: محمول على قضاء الله سبحانه وتعالى بدخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.

والموضع الثاني: محمول على إخراج من بقي من أهل التوحيد من النار، وخلود الكفار والمنافقين فيها، انظر "المفهم في شرح مسلم" للقرطبي (1/ 421 - 422) و "إرشاد الساري" للقسطلاني (15/ 403).

5 - ذكر القرطبي أن ما جاء في حديث أنس من استئذان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ربه سبحانه وتعالى، وسجود النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتمجيده ربه عزوجل، وأنه يقطع له حدًا يدخلهم الجنة، ثم حدًا آخر، وحدّاً ثالثًا، أن ذلك لأمته غير الشفاعة العظمى، التي للخلق جميعًا، في فصل القضاء، وأن حديث أنس مختصر، ولم تُذْكَر فيه الشفاعة العظمى، وإنما ذكر أنس هذه الشفاعة التي طلبت منه، وأنكرها أهل البدع، انظر "المفهم" (1/ 437)، وقد اعترض الداودي على جملة: "أمتي" وقال في هذا القول: لا أُراه محفوظًا، لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا، ولو كان المراد هذه الأمة خاصة؛ لم تذهب إلى غير نبيها، فدل على أن المراد الجميع، وإذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء، فكيف يخصها بقوله: "أمتي"؟ ثم قال: وأول الحديث ليس متصلاً بآخره، بل بقي بين طلبهم الشفاعة، وبين قوله: "فأشفع" أمور كثيرة. اهـ من "عون الباري" (5/ 742) لصديق حسن خان، ونقل أيضًا كلام عياض، الذي يدل على أن في الحديث اختصارًا، وأقره الحافظ، والصحيح أن هذه الشفاعة، بعد الشفاعة العظمى لجميع الأمم.

6 - صرح ابن خزيمة بأن شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيمن كان في قلبه مثقال كذا وكذا من إيمان، أن المراد بذلك البعض، لا الكل، فقال رحمه الله في "التوحيد" (2/ 727 - 729): باب ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها، إلى هذا الموضع، في شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، في إخراج أهل التوحيد من النار؛ إنما هي ألفاظ عامة، مرادها خاص، قوله "أخرجوا من النار من كان في قلبه وزن كذا من الإيمان" أن معناه بعض من كان في قلبه قدر ذلك الوزن من الإيمان، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أعلم أنه يَشْفَع ذلك اليوم أيضًا غيره، فيُشَفَّعون، فيأمر الله أن يخرج من النار بشفاعة غير نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من كان في قلوبهم من الإيمان قدرما أعلم أنه يخرج بشفاعة نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، اللهم إلا أن يكون من يشفع من أمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إنما يشفع بأمره ..... إلى أن قال: كان معنى الأخبار التي قدمت ذكرها في شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عندي خاصة، معناها: أخرجوا من النار، من كان في قلبه من الإيمان كذا، أي غير من قضيت إخراجه من النار، بشفاعة غير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الملائكة والصديقين والشفعاء غيره، فمن كان له أخوة في الدنيا، يصلون ويصومون معهم، ويحجون معهم، ويغزون معهم، قد قضيتُ أني أشفعهم فيهم، فأخرجوهم من النار بشفاعتهم .... اهـ

قلت: وما قاله في حق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، هو كذلك في حق شفاعة المؤمنين في إخوانهم، فإنهم أمروا بإخراج من كان في قلبه وزن كذا، أو مثقال كذا، من الإيمان، ثم أمر الأنبياء عليهم السلام بإخراج من كان عنده نفس القدر من الإيمان، مما يدل على أن المؤمنين لم يخرجوا الكل، والقرينة لهذا أيضًا فوق ما سبق من برهان أنهم أمروا بأن يخرجوا من عرفوا من إخوانهم، فالذين لم يعرفوهم، لم يدخلوا في ذلك الأمر أصلاً، وأما قول العيني في "عمدة القاري": قوله: "فيخرجون من عرفوا" قال: وكذلك البواقي. اهـ (16/ 641) فمعناه: سائر الدفعات التي يشفع فيها المؤمنون، لا باقي من كان كذلك من أهل النار، لأنه لو كان ذلك كذلك؛ لما بقي لشفاعة الأنبياء عليهم السلام شيء، وقد جاءت الرواية كما تقدم من كلام ابن خزيمة بخلاف ذلك، وينظر هل هذا التفسير الثاني لكلام العيني مقبول لغة؟ حيث أن "فواعل"، جمع "فاعلة" لا جمع "فاعل"، إلا في مواضع يسيرة، ليس هذا منها، كما ذكره القرطبي في "تفسيره" سورة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير