تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

*طول الكلام، زيادة في التأثير النفسي المطلوب، كقول الحق تبارك: [ثمَّ إنَّ ربَّكَ للَّذين هاجروا من بعد ما فُتِنوا، ثمَّ جَاهَدوا وصَبَروا، إنَّ ربَّكَ من بعدها لَغفورٌ رحيم] (35). الفتنةُ ههنا، بمعنى الابتلاء والاختبار.

*تَعدُّد المتعلَّق، لتنوع الغرض الذي يبرز من خلال كل قول مكرَّر. وخير مثال على ذلك تكرار قول الله تعالى) فبأيِّ آلاءِ ربِّكُما تُكَذِّبان (ثلاثين مرة في سورة الرحمن لأنه كان في كل مرة يذكر عَقِبَ نعمة جديدة من نِعَم الله على الإنسان.

*الزَّجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات. نحو قوله تعالى) وَيْلٌ يومئذٍ لِلْمُكَذِّبين (المتكرر عشر مرات في سورة (المُرسلات) "لأنه تعالى، ذكر قصصاً مختلفة، وأتبعَ كل قصة بهذا القول. فصار كأنه قال عقب كل قصة: ويلٌ يومئذٍ للمكذبين بهذه القصة" (36).

وهناك من جعل للتكرير أقساماً، بعضها،

*في اللفظ والمعنى معاً، نحو قولنا، هَلُمَّ! هَلُمَّ! وبعضها الآخر،

*في المعنى دون اللفظ، نحو: اصدُق معي ولا تمكرُ بي! ‍ فعدم المكر هو الصدق والوفاء.

*ومنها ما هو مفيد يأتي في الكلام توكيداً له وتسديداً لأمره، وإشعاراً بعظَم شأنه.

كقوله تعالى:) وقال اللهُ لا تَتَّخِذوا إلهَيْنِ اثْنين إنما هو إلهٌ واحد ((37).

فهو من تكرير المعنى دون اللفظ؛ والغرض منه تأكيد معنى المعدود ومنع الالتباس في شأنه.

*ومنها ما هو غير مفيد، كقول المتنبي، من قصيدة في مدح المغيث بن العجلي:

ولم أرَ مثل جيراني ومثلي

لِمثْلي عند مِثلهُمُ مقامُ (38)

ومعنى البيت: لم أر مثل جيراني في سوء الجوار وقلة المراعاة؛ ولا مثلي في مصابرتهم مع جفوتهم. فهو يشكو جيرانه ويلوم نفسه على الإقامة بينهم. فقد حذف الشاعر وأوجز، ولكن على حساب التكرار الإطنابي غير المفيد (39).

5 - إطناب الإيغال:

وهو ضرب من المبالغة في الوصف والتصوير، أو هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها (40). كقول الأعشى (ت 007هـ/ 629م):

كناطحِ صخرة يوماً ليفلِقَها

فلم يَضِرْها، وأوهى قَرْنَه الوعِلُ (41)

قال ابن رشيق (ت 456هـ) إن المثل في هذا البيت قد تمَّ بقول الشاعر:

"وأوهى قرنه فلما احتاج إلى القافية قال: "الوعِلُ" (42). فقد استخدم الشاعر نوعاً من الإيغال في القافية، لا البيت. ومثله قول ذي الرمة (ت 77 أو 117هـ/ 696 أو 735م):

قِفِ العيس في أطلال مية واسألِ

رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل (43)

فتمَّ كلامه قبل إضافة (المسلسل) ولكنه احتاج إلى القافية، فزاد شيئاً (44)، وأطال المعنى والصورة. ومثله قول ذي الرمَّة، في القصيدة نفسها:

أظنُّ الذي يُجدي عليك سؤالها

دموعاً كتبديد الجُمان المفصَّل

فتم كلامه عند قوله: "الجمان". لكنه احتاج إلى القافية فقال: "المفصَّل" فزاد شيئاً ..

وعرَّفه قدامة بن جعفر (ت 327هـ/ 948م) فقال: الإيغال أن يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تاماً من غير أن يكون للقافية في ما ذكره صنع، ثم يأتي بها لحاجة الشعر، فيزيد بمعناها في تجويد ما ذكره من المعنى في البيت، كما قال امرؤ القيس:

كأنَّ عيون الوحشِ حول خِبائنا

وأرحُلنا الجِزعُ الذي لم يُثقَبِ (45)

فقد أوفى الشاعر التشبيه قبل القافية، لأن عيون الوحش شبيهة بالجزع. ولكن إضافة القافية "لم يثقَّب" جعلت الشاعر يوغل في الوصف وتوكيده، فإن عيون الوحش غير مثقبة وهي بالجزع الذي لم يثقب أدخل في التشبيه (46).

ومن هذا القبيل، قول الخنساء (ت 24هـ/ 646م) ترثي أخاها صخراً:

وإنَّ صَخراً لتأتمُّ الهُداةُ به

كأنَّه عَلَمٌ في رأسه نارُ (47)

لم ترض أن تشبهه بالعلم الذي هو الجبل المرتفع المعروف بالهداية، حتى جعلت في رأسه ناراً (48).

6 - إطناب التذييل:

معناه إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد بعينه ليظهر لمن لم يفهمه، ويتأكد عند مَن فَهِمَهُ، كقول الشاعر ربيعة بن مقروم الضبِّي (ت 16 هـ/ 637م):

فَدعَوا نَزالِ فكنت أوَّل راكبٍ

وعلام أركبُهُ إذا لم أنْزل؟ (49)

فالمصراع الأول مكتمل المعنى. لكن الشاعر لم يكتف بذلك، بل ذيل به مصراعاًُ آخر، توضيحاً للمعنى وتأكيداً، ومثله قول الشريف الرضي متغزلاً:

قمرٌ إذا استَخْجَلتَهُ بعتابِهِ

لبس الغروبَ ولم يعُد لِطلوعِ

أبغي رضاهُ بشافعٍ من غيره

شرُّ الهوى ما رمته بشفيعِ (50)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير