تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن قال بأنها مؤنثة من أهل العلم فوجهه أن كلمة (ما في بطون الأنعام) يحتمل ألبانها وأجنتها، وهما مؤنثان باعتبار المعنى، فجاز بهذا التأنيث. كما أن الاسم الموصول (ما) مذكر باعتبار اللفظ، فيجوز التذكير بهذا الاعتبار. فكان التذكير باعتبار اللفظ والتأنيث باعتبار المعنى، فكلاهما عائد على (ما) لا كما قال هذا. وكل من اعتباري اللفظ والمعنى أسلوب عربي جائز ولا إشكال، ولله الحمد.

الحادي عشر: في قوله تعالى: (أعجاز نخل خاوية) وقوله تعالى: (أعجاز نخل منقعر). يقول: ذكر الأعجاز مرة وأنثها أخرى، فأيهما كان صواباً كان الآخر خطأاً.

الرد أن هذا الاستشكال ناشئ من الجهل بما يجوز تأنيثه وتذكيره وما يجب تذكيره أو تأنيثه. فكلمة (أعجاز) جمع لغير عاقل، فيجوز تذكيره باعتبار معنى أن آحاده مذكرة (عجز) ويجوز تأنيثه باعتبار أن لفظه مؤنث. فهذا مما يجوز فيه الوجهان، وعليه فكلاهما صواب تستعمله العرب.

الثاني عشر: في قوله تعالى: (السماء منفطر به) وقوله تعالى: (إذا السماء انفطرت). فيه مثل الإشكال السابق.

والرد مثل الرد السابق. فكلمة السماء مما يذكر ويؤنث. قال بعض العلماء لأن مجازها السقف وهو مذكر، فتؤنث باعتبار الحقيقة وتذكر باعتبار المجاز. وقال بعضهم هو من باب الجراد والشجر والأعجاز كما مر. وقال بعضهم هو من باب قول العرب: (امرأة مرضع) أي ذات إرضاع، فيكون المعنى: (السماء ذات انفطار). فالحاصل أن جواز التذكير والتأنيث ثابت، لكن في سببه أقوال، ولا يبعد صحتها جميعاً، إذ لا يمتنع أن تجتمع الأسباب الكثيرة على نتيجة واحدة.

الثالث عشر في قوله تعالى: (وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة) وقوله تعالى: (قولوا حطة وادخلوا الباب سجداً). يقول: أيهما كان أصح، كان الثاني أخطأ.

الرد أن الواو لا تقتضي ترتيباً، وإنما هي لمطلق الجمع. وعليه فكل صحيح فصيح إذ لا اختلاف في المعنى بينهما. ألا ترى أنك تقول: (جاء محمد وخالد) وأقول: (جاء خالد ومحمد) ولا يكون لكلامنا أحدنا على صاحبه فضل. فتسقط الشبهة ولله الحمد.

الرابع عشر: قوله تعالى: (وما أهل به لغير الله) وقوله تعالى: (وما أهل لغير الله به). يقول فيه مثل الذي قال فيما سبق.

الرد أن كلاً من حرفي الجر الباء واللام متعلق بالفعل (أهل). وكل منهما جائز التقديم والتأخير، وعليه يكون الرد كما سبق: أمران جائزان، ولا إشكال.

لكن هنا يزاد أن الآية التي فيها تقديم الباء فيها مزيد اهتمام بحكم ما ذبح على النصب، والآيات التي فيها تقديم اللام فيها مزيد اهتمام بحكم التوحيد والذبح لغير الله. فتحصل أن للفعل جهتين: جهة أنه غير مذكى الذكاة الشرعية، وجهة أنه شرك بالله تعالى. فكان في تقديم هذا مرة وهذا مرة معنىً لم يكن ليوجد لو كان أحدهما قدم دائماً، والله أعلم.

الخامس عشر في قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة) وقوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات). قال فيه مثل ما سبق.

الرد أن منشأ استشكاله هنا الجهل بأساليب العرب في الجمع. فكلمة أيام يجوز وصفها بصيغة المفرد: (أياماً معدودة) باعتبار المعنى أنها مدة واحدة، ويجوز وصفها بصيغة الجمع: (أياماً معدودات) باعتبار اللفظ أنها جمع يوم. كما تقول: أيام الإجازة قصيرة، وأيام الاختبارات طوال.

ولكل معنىً مطلوب إثباته، فالأول المفرد يفيد أن هذه الأيام تنقضي بزعمهم كثرت أو قلت. والثاني يفيد أن الأيام قليلة، إذ جمع المؤنت السالم جمع قلة. فكان في تغيير اللفظ زيادة معنى، وهذا مقتضى الحكمة والبلاغة، ولله الحمد.

السادس عشر: في قوله تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى) وقوله تعالى: (إن الهدى هدى الله). لم يبين استشكاله، لكن أفترض أنه في جعل هدى الله مسنداً مرة، ومسنداً إليه مرة أخرى، وبعكسه الهدى في المرتين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير