حتى يأتينا نصره ونظل بعد إكتحال عيوننا برؤية نصره عابدين له شاكرين له منته علينا بهذا بالنصر ... , فكيف يالأخ جمال تكون كلمة اليقين الموجودة في الأية بمعنى
النصر مع ورود هذه الكلمة في آيات أخرى و أحاديث تبين بأن معناها هو الموت ...
(مع العلم أن أفضل طرق التفسير هو تفسير كلام الله بكلامه أو كلام رسوله:=)
فمن ذلك قول الله تعالى: {ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين} إلى قوله:
{وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين. حتى أتانا اليقين}. [المدثر، الآيات: 42 – 47].
فهذا قالوه وهم في جهنم، وأخبروا أنهم كانوا على ما هم عليه من ترك الصلاة والزكاة والتكذيب بالآخرة، والخوض مع الخائضين، حتى أتاهم اليقين. ومعلوم أنهم مع هذا الحال لم يكونوا مؤمنين بذلك في الدنيا، ولم يكونوا مع الذين قال الله فيهم: {وبالآخرة هم يوقنون}. [البقرة، الآية: 4].وإنما أراد بذلك أنه أتاهم ما يوعدون وهو الموت فلا
ولات حين مندم. و أيضا ما ورد في الأثر الذي أخرجه البخاري عن أم العلاء: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وقد مات، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال: وما يدريك أن الله أكرمه .. ؟ أما هو، فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير".
و زد على ذلك أن العبد المؤمن ملزم بالعبادة و الشكر قبل و بعد النصر فلا يستقيم إذن
أنه إذا لم يأت النصر أن نترك الشكر، و إن كان الشكر أيضا داخل في مسمى العبادة.
و هاك بعض ما قاله علماء التفسير - رحمهم الله - في تأويل هذه الأية:
قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: (فِيهِ مَسْأَلَة وَاحِدَة: وَهُوَ أَنَّ الْيَقِين الْمَوْت. أَمَرَهُ بِعِبَادَتِهِ إِذْ قَصَّرَ عِبَاده فِي خِدْمَته , وَأَنَّ ذَلِكَ يَجِب عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَة قَوْله: " حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين " وَكَانَ قَوْله: " وَاعْبُدْ رَبّك " كَافِيًا فِي الْأَمْر بِالْعِبَادَةِ. قِيلَ لَهُ: الْفَائِدَة فِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: " وَاعْبُدْ رَبّك " مُطْلَقًا ثُمَّ عَبَدَهُ مَرَّة وَاحِدَة كَانَ مُطِيعًا ; وَإِذَا قَالَ " حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين " كَانَ مَعْنَاهُ لَا تُفَارِق هَذَا حَتَّى تَمُوت. فَإِنْ قِيلَ: كَيْف قَالَ سُبْحَانه: " وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين " وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا ; فَالْجَوَاب أَنَّ الْيَقِين أَبْلَغ مِنْ قَوْله: أَبَدًا ; لِاحْتِمَالِ لَفْظ الْأَبَد لِلَّحْظَةِ الْوَاحِدَة وَلِجَمِيعِ الْأَبَد. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى. وَالْمُرَاد اِسْتِمْرَار الْعِبَادَة مُدَّة حَيَاته , كَمَا قَالَ الْعَبْد الصَّالِح: وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دُمْت حَيًّا. وَيَتَرَكَّب عَلَى هَذَا أَنَّ الرَّجُل إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتَ طَالِق أَبَدًا , وَقَالَ: نَوَيْت يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَتْ عَلَيْهِ الرَّجْعَة. وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتهَا حَيَاتهَا لَمْ يُرَاجِعهَا. وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْيَقِين الْمَوْت حَدِيث أُمّ الْعَلَاء الْأَنْصَارِيَّة , وَكَانَتْ مِنْ الْمُبَايِعَات , وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا عُثْمَان - أَعْنِي عُثْمَان بْن مَظْعُون - فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِين وَإِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْر وَاَللَّه مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُول اللَّه مَا يُفْعَل بِهِ) وَذَكَرَ الْحَدِيث. اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه! وَكَانَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز يَقُول: مَا رَأَيْت يَقِينًا أَشْبَه بِالشَّكِّ مِنْ يَقِين النَّاس بِالْمَوْتِ ثُمَّ لَا يَسْتَعِدُّونَ لَهُ ; يَعْنِي كَأَنَّهُمْ فِيهِ شَاكُّونَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْيَقِين هُنَا الْحَقّ الَّذِي لَا رَيْب فِيهِ مِنْ نَصْرك عَلَى أَعْدَائِك ; قَالَهُ اِبْن شَجَرَة ; وَالْأَوَّل أَصَحّ , وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالْحَسَن. وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ رَوَى جُبَيْر بْن نُفَيْر عَنْ أَبِي مُسْلِم الْخَوْلَانِيّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُول إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَع الْمَال وَأَكُون مِنْ التَّاجِرِينَ لَكِنْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين ".)
و إن أردت تفصيلا أكثر فارجع إلى تفسير الطبري و ابن كثير و السيوطي وغيرهم
- رحمهم الله - تجد ما أثبتناه و قلناه.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 07:06 ص]ـ
السلام عليكم
نصائحك "على العين والراس" كما يقال عندنا---وأحب أن أناقش معك مادة "يقن" الواردة في المعاجم
قال الجواهري في الصحاح
((يقن
اليَقينُ: العلم وزوالُ الشك. يقال منه: يَقِنْتُ الأمر يَقْناً، وأيْقَنْتُ، واسْتَيْقَنْتُ، وتَيَقَّنْتُ، كلُّه، بمعنًى. وأنا على يَقين منه. وإنَّما صارت الياء واواً في قولك موقِنٌ للضمة قبلها. وإذا صغّرته رددتَه إلى الأصل وقلت مُيَيْقِنٌ. وربَّما عبَّروا عن الظنّ باليَقينِ، وباليَقينِ عن الظنّ.))
على هذا فالأمر المعلوم قطعا يسمى يقينا---وقد يكون الموت وقد يكون النصر وقد يكون العلم القطعي وقد يكون كونك مولودا لوالد---إلخ
فكون اليقين جاءت في آيات لتعني الموت--جاءت في آيات لتعني العلم المقطوع به مثل (ثم لترونها عين اليقين)
وكنت أتمنى أن تناقشني في معنى الحرف "حتى " ففيه الإشكال حسب التفسير الذي قلته أنا
¥