ـ[أبو مالك]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 09:32 م]ـ
المجاز:
ثانيا: الاستعارة:
في الاستعارة ذلك من سنن العرب.
هي أن تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر.
كقولهم في استعارة الأعضاء لما ليس من الحيوان: رأسُ الأمرِ، رأسُ المال، وجهُ النَّار، عين الماءِ، حاجِبُ الشَّمس، أنفُ الجبل، أنفُ الباب، لِسانُ النَّارِ، رِيقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَناحُ الطَّريقِ، كَبِدُ السَّماءِ، ساقُ الشَّجَرَةِ.
وكقولهم في التَّفرُّق: انْشَقَّتْ عَصاهُمْ، شالَت نَعامَتهم، مرُّوا بين سنع الأرض وبَصرِها، فَسا بينَهم الظِّربان.
وكقولهم في اشتداد الأمر: كَشَفَتِ الحَرْبُ عن ساقِها، أبدى الشَّرُّ عن ناجِذَيه، حَمِيَ الوَطيسُ، دارَتْ رحى الحَربُ.
وكقولهم في ذكر الآثار العُلويَّة: افتَرَّ الصُبْحُ عن نواجِذَهُ،
ضَرَبَ بِعَموده، سُلَّ سَيفُ الصُّبْحِ من غِمد الظَّلام، نَعَرَ الصُّبحُ في قفا الليل،
باحَ الصُّبحُ بِسرِّهِ، وهي نطاق الجوزاء، انحَطَّ قِنْديلُ الثُرَيَّا، ذّرَّ قرْن الشَّمس/ ارتَفع النَّهار، ترحَّلت الشَّمس، رَمَتِ الشَّمس بِجَمَرات الظَّهيرَةِ، بَقَلَ وجهُ النَّهار،
خَفَقَتْ راياتُ الظَّلام، نَوَّرت حدائِقُ الجوِّ، شابَ رأسُ الليل، لَبِسَت الشَّمس جِلبابها، قام خَطيب الرَّعد، خَفَقَ قَلب البَرق، انحَلَّ عِقْدُ السَّماء، وَهَى عِقد الأنداد، انْقَطَعَ شِريان الغَمام، تَنفَّسَ الرَّبيع، تَعَطَّرَ النَّسيمُ،
تَبَرَّجَت الأرضُ، قَوِيَ سلطان الحرِّ، آنَ أن يَجيشَ مِرْجَلُهُ، ويثورَ قَسْطُلُه، انْحَسَرَ قِناع الصَّيف، جاشَت جُيوشُ الخَريفِ، حَلَّت الشَّمس الميزان، وعَدَل الزَّمان، دبَّت عَقاربُ البردِ، أقدمَ الشِّتاء بِكَلْكَلِه، شابَت مَفارِقُ الجِبالِ، يوم عبوسٌ قَمْطَرير، كشَّرَ عن نابِ الزَّمْهَرير.
وكقولهم في محاسن الكلام: الأدَبُ غِذاءُ الرُّوح، الشَّباب باكورَةُ الحَياةِ، الشَّيب عنوان الموت، النَّار فاكهة الشِّتاء، العِيال سوسُ المال، النَّبيذُ كيمْياء الفَرَح،
الوحدة قَبر الحيِّ، الصَّبر مفْتاحُ الفَرَج، الدَّين داء الكرم، النَّمَّام جسرُ الشرِّ، الإرجافُ زَندُ الفِتنةِ، الشُّكرُ نسيمُ النَّعيم، الرَّبيع شبابُ الزَّمان، الولَدُ ريحانَةُ الروحِ، الشَّمس قَطيفَةُ المساكين، الطِّيب لسانُ المُروءة.
لا شك أن قوما بلغوا بحسن لغتهم هذا المبلغ، لا شك أن تحديهم بأعظم ما في هذه اللغة لهو الاعجاز، ولا شك أن هذا البيان الساحر هو أعظم نتاج للعقل البشري، وإلا فما الطائرة أمامه، وما ركوب القمر، وما اللقاح وما الأمصال، وما الأهرامات وما الناطحات، وإلا فكيف تفسر أن الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان؟؟؟ أو لم يقدم البيان لعلو شأنه على النجم والشجر والشمس والقمر؟؟ فما بالكم بمن فهم بعقله بعضا من الحقائق المتعلقة بالشمس والقمر؟؟ أيرقى علمه الهزيل هذا إلى وزن اللغة العربية بعلومها وفنونها؟
ببلاغتها ونحوها وصرفها؟
باتساعها وعلو شأنها؟
بقدرتها على التصوير وعلى نقل الأخيلة بأرقى صورة وأقل عبارة من الواقع إلى الدماغ (القالب) ومن الدماغ إلى الواقع (الفكر)!!
من هنا نفهم سر كون الحق سبحانه اختار العربية موطنا لتحديه الخلق كلهم!!
فهذا أعظم ما أنتجه العقل البشري!!
المجاز: لغة من أجاز الموضع أي خلفه وقطعه
وفي الاصطلاح استعمال كلمة في غير ما وضعت له لقرينة مانعة من استعمال المعنى الموضوع مع وجودعلاقة بين المعنى المستعمل والمعنى الموضوع بشرط أن لا تكون هذه العلاقة المشابهة.
فإن كانت العلاقة المشابهة فإنه يسمى الاستعارة وهي أنواع:
أ - الاستعارة التصريحية
وهي التي يصرح فيها بالمشبه به: مثل أنت أسد
أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ ....
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور،
لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى،
فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
¥