تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلم يأت الصبان بدافع .... وللدكتور لطفى عبد البديع ان يعلق قائلا:" ... فإن الاعتراض الثالث لا يقوم دونه شيء لأنه يضيق الخناق على كلام القوم بحيث يتهاوى معه ما قالوه فى بيان الفرق من أن المجاز يراد به خلاف الظاهر .. لأن الظاهر فى اللفظ المجازي هو المعنى الحقيقي .. وهذا المعنى فى نفس الامر مما يصح له أن يثبت له المجيء وعدمه ... فإذا ثبت له المجيء فهل تكون ارادة الظاهر فى هذه الحالة الا الصدق؟؟؟

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[29 - 04 - 2005, 10:42 م]ـ

تابع .............

وقبل متابعة مسألة الكذب .. نشير عرضا الى تمسكهم بمفهوم "القرينة" كفيصل بين ما يريد المتكلم وما لا يريد ... فإن كانت القرينة عقلية ... فالمرجع الى الكتاب العظيم لابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل"وما احسب هذا الكتاب الا كتابا فى البلاغة أراد به شيخ الاسلام .. تفنيد دعوى القرينة العقلية ... التى لهج بها مؤولو الاسماء والصفات ... واعتبروها مانعة من ارادة المعنى الحقيقي ... ولعل الكلام فى هذا يطول .. وحسبي ان ابين عيوب القرينة فى حالة كونها "لفظية" لنبقى داخل دائرة البلاغة فذلك هو مقصودنا الاصلي ....

قال الطرودي التونسي المتوفى سنة1167ه فى شرحه "جامع العبارات فى تحقيق الاستعارات":

القرينة: ما يفصح عن المراد لا بالوضع .. هذا التعريف ذكره الجامي وغيره فى اوائل المرفوعات .. وعللوا بالتقييد بعدم الوضع بأنه لم يعهد ان يطلق على ما وضع بإزائه شيء أنه قرينة .. فقوله: على المراد .. اي مراد المتكلم بقرينة تعريفها أولا .... بما نصبه المتكلم للدلالة على قصده ... واعلم ان نصب المتكلم وقصده مما لا يطلع عليه ... فجعلوا قيام القرينة دليل النصب والاقامة عند انتفاء المانع من السهو .. ولذا قالوا فى مقامات الحذف "لقيام قرينة" دون "إقامة قرينة" ...... (مانعة من ارادته) اي ارادة ما وضع له .... وهذا تمام التعريف .....

وفى بعض مؤلفات الشارح لا بد من قيد آخر وهو ان تكون قرينة على المراد .. فإنه لو لوحظ علاقة ونصب قرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي ولم تنصب قريبة معينة للمعنى المستعمل فيه لا يكون مجازا ...

إلا ان يناقش ويقال: القرينة المعينة شرط دلالة المجاز لا تحققه .. انتهى قاله المحشي (يقصد حفيد العصام)

وفي شرح الشمسية للمحقق التفتازاني القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له .. وهي التي لا بد للمجاز منها وهي غير المعينة-بتشديد الياء مع كسرها-

وفى الرسالة الفارسية للشارح: واعلم ان المجاز يكفي فى تحققه القرينة المانعة عن ارادة المعنى الحقيقي وأما القرينة المعينة للمراد فليست شرطا فى التحقق بل فى استعماله وقبوله عند البلغاء .. فإن فقدت كان مردودا الا ان يتعلق بعدم ذكر المعينة غرض .... كالتعميم لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن فيكون مقبولا حسنا فليحرر ...... (انتهى كلام الطرودي بطوله واحالاته .... )

هنا لا بد من سؤال: لماذا اصر جمهور البلاغيين ...... على ان القرينة مانعة فقط وليست معينة ... ففى قولهم: أسد يرمي ... يرون القرينة وظيفتها منع فهم الاسد ... وليس من وظيفتها تعيين الانسان الشجاع ... فلو ان الانسان فهم ان الاسد غير مقصود ومع ذلك لم يستطع ان يفهم من هذا الذي جاء ... فالاستعارة تحققت .. ولو لم ندر من هذا الاسد المجازي .....

لا ارى الا جوابا واحدا مقنعا .... لكنه مع الاسف يجعل الشك يحوم حول مصداقية علم البيان كله ... على الاقل من الناحية الابستملوجية ..... :

مرادهم الحقيقي ... تصحيح مذهبي التفويض والتأويل .. وهما مذهبان معتبران معا عند الاشاعرة والماتريدية .. وهم جل من اشتغل بالبلاغة ...

فالمفوض يقول .... يد الله ليست حقيقة قطعا .... فإن قيل له وما المراد منها سكت وفوض ... وفصل البلاغيون قاعدة القرينة ارضاء له .... فالقرينة تمنع ولا تعين .... وهذا هو التفويض ... فلو انهم قالوا بوجوب تعيين القرينة للمعنى المراد لوقع المفوضون فى الحرج ......

افيكون علم البيان علما تبريريا .... واسمحوا لي باستعمال كلمات غريبة: هل البلاغة علم ام اديولوجيا؟

هل جاء هذا العلم ليفسر الظواهر اللغوية تفسيرا علميا موضوعيا ام جاء ليسند المذهب الاشعري؟

وعندي مثال آخر صارخ ... قالوا يجوز ان يكون المجاز ولا حقيقة له ..... ومع ان هذا الكلام اقرب الى المحال ... نصروه وأيدوه ..... وتداولوه فيما بينهم لحاجة فى نفس يعقوب .... قال ابن القيم فى مختصر الصواعق:"لو لم يكن المجاز مستلزما للحقيقة لعري وضع اللفظ للمعنى عن الفائدة ... "

فما معنى ان يوضع اللفظ ولا يستعمل فى الحقيقة ابدا بل يستعمل فى المجاز فقط؟؟

ثم ما الذي ورط البيانيين فى هذا وهم يقولون المجاز فرع عن الحقيقة ... فكيف بفرع ولا اصل له؟؟

الجواب: ان هؤلاء كانوا يفكرون فى اسم الله "الرحمن" ... فالرحمن على مذهبهم "مجاز" ... لان الرحمة رقة تعتري الخ الخ ..... ولكن هل استعمل الرحمن حقيقة؟ يعني هل وجد مخلوق انطبق عليه "رحمن" حقيقة ...

الجواب لا .... إذن فليكن المجاز ولا حقيقة له .... وأضافوا الى هذا ما يشبه الخداع ... فقالوا الدليل على ان المجاز قد لا يكون مسبوقا بالاستعمال الحقيقي ... اسم الله "الرحمن" ... فلبسوا الاسباب والنتائج ... فأوهموا انهم خرجوا الاسم على القاعدة وما كان الا العكس اخترعوا القاعدة لتبرير الفهم الاشعري لاسم الله الرحمن .... فكن على حذر ...

بعد هذا الاستطراد ..... نعود الى مسألة القرينة:

قالوا: "الاسد يرمي .... "الاسد استعارة للانسان الشجاع .. لمه؟ لأن الرمي لا يناسب السبع ... ويمنع فهم "الرمي"الا مسندا للانسان ... لكن ماذا لو كانت قرينتكم "استعارة "اخرى .... ؟ فهل يتسلسل الامر ام يدور؟

هذا الاعتراض ليس افتراضيا .... بل هو حقيقي ... فهم يقررونه ولا ينتبهون الى الدور فى استدلالهم كما سنأخذ من أقوالهم ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير