تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والثالث: أنهم جماعة من المنافقين قالوا ذلك، قاله الحسن.

{وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ} يعني ما أنكروه مما قدمنا ذكره تحقيقاً لتكذيبهم فيما أنكروه وقيل بل هو قولهم إن محمداً ليس بنبي.

{وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم} يحتمل وجهين:

أحدهما: كفروا بقلوبهم بعد أن آمنوا بأفواههم.

والثاني: جرى عليهم حكم الكفر بعد أن جرى عليهم حكم الإيمان.

{وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن المنافقين هموا بقتل الذي أنكر عليهم، قاله مجاهد.

والثاني: أنهم هموا بما قالوه {لَئِن رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينةِ ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ} وهذا قول قتادة.

والثالث: أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً وقيل إنه كان ذلك في غزوة تبوك.

[ line]

الإشكال هو في موضوع المؤامرة على قتل الرسول:= والتي تناقلتها كتب التفسير كقصة هذا فحواها

(وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} هو الفتكُ برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وذلك أنه (توافقَ خمسةَ عشرَ منهم على أن يدفعوه عليه الصلاة والسلام عن راحلته إذا تسنّم العقبةَ بالليل وكان عمارُ بنُ ياسر آخذاً بخِطام راحلته يقودها وحذيفةُ بنُ اليمان خلفها يسوقُها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفافِ الإبل وبقعقعة السلاحِ فالتفت فإذا قومٌ متلثّمون فقال: إليكم إليكم يا أعداءَ الله فهربوا).

وقد حاولت أن أجد سندا لها فلم أجد --وقد يجزم أحد ممن لهم علم في علم الحديث بسندها من حيث القبول والرفض--وأنا أميل لرفض الحكاية

أما الطبري فلم يذكرها إنما قال ((حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {كَلِمَةَ الكُفْرِ} قال أحدهم: لئن كان ما يقول محمد حقًّا لنحن شرّ من الحمير فقال له رجل من المؤمنين: إن ما قال لحقّ ولأنت شرّ من حمار قال: فهمّ المنافقون بقتله، فذلك قوله: {وهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}.))

ومع أنه نقل قول مجاهد (وقال آخرون: كان الذي همّ رجلاً من قريش، والذي همّ به قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:

حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا شبل، عن جابر، عن مجاهد، في قوله: {وَهَمّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} قال: رجل من قريش همّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له الأسود.)) --- إلا أنه لم يعقب فكأنه لم يقبله

[ line]

قد لا يعرف البعض طريقة شيخ المفسرين الطبري في التفسير--وأحب أن أوضحها لكم

# إن ذكر قولا لمفسر سبقه من الصحابة أو التابعين ذكره بسنده

#يذكر الآراء المختلفة في الآية الواحدة

# يجزم برأي في بعض الآيات أحيانا متخذا أحد الأقوال السابقة

# يترك أحيانا الأقوال دون جزم بإحداها

ولم يذكر شيخ المفسرين القصة---بل ذكر تفسيرين متعارضين لمجاهد---أحدهما--أن المنافقين هموا بقتل المعترض عليهم---ثانيهما--أن المنافقين هموا بقتل الرسول:=

ولو ذكر القصة لذكرها مسندة--وقد يكون ضرب صفحا عنها لخلوها من السند الصحيح-والمفسرون ذكروها بدون إسناد--وعلى أية حال--لا تقبل رواية دون إسناد وتمحيص


أما بالنسبة لما جاء في مسلم
((حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شعبة بن الحجاج، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس، قال: قلت لعمار: أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " في أصحابي اثنا عشر منافقا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة " لم أحفظ ما قال شعبة فيهم *))

فليس فيه أي ذكر للمؤامرة على قتل الرسول:=

وقول القرطبي الذي أجلّه وأقدره ((قوله تعالى: {وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} يعني المنافقين من قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في غزوة تبوك، وكانوا اثني عشر رجلاً. " قال حذيفة: سمّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عدّهم كلهم. فقلت: ألاَ تبعثُ إليهم فتقتلَهم؟ فقال: «أكره أن تقول العرب لمّا ظفِر بأصحابه أقبل يقتلهم بل يكفيهم الله الدُّبَيْلة». قيل: يا رسول الله وما الدُّبيلة؟ قال: «شهاب من جهنم يجعله على نِياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه». فكان كذلك " خرّجه مسلم بمعناه. وقيل هَمّوا بعقد التاج على رأس ابن أُبَيّ ليجتمعوا عليه. وقد تقدّم قول مجاهد في هذا.)) --قول فسر فيه حديث مسلم بأن فيه مؤامرة قتل مع أن الحديث ليس فيه شيئا من هذا القبيل

وتظل القصة غير مسندة بالتالي لا حجة فيها---وأظل منتظرا من يثبت لي نظرية المؤامرة لا من يحاضر علينا بما علمناه في صغرنا
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير