تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ". وكان يقول إن أهل الكتاب يعلمون أن هذا الدين وهذا الكتاب حق وإنه مدوّن في زُبُرهم، قال تعالى: " وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ وقال: " وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ وقال: " أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وأعلن أن عيسى ذكر اسمه صراحة فقال: " وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ".

ومعنى هذا كله أن محمداً صلى الله عليه وسلم واثق من أن ذكره وصفته موجودان عندهم. ولا شكّ أن العاقل لا يسعى الى تكذيب نفسه فيقول لهم إن اسمي وصفتي موجودان عندكم في كتبكم وأنتم تعرفونني كما تعرفون أبناءكم وليس في كتبهم شيء من هذا لأن معنى ذلك أنه يسعى الى إظهار كذبه وإن أي مطلع على الكتب سيكذبه ويقول هذه هي كتبنا فأين صفتك التي تدّعي.

قال الآلوسي في (الجواب الفسيح): " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحرص الناس على تصديقه واتباعه وإقامة الحُجّة على من خالف وجحد نبوّته ولا سيما أهل العلم والكتاب. فإن الاستدلال عليهم بما يعلمون بطلانه قطعاً لا يفعله عاقل وهو بمنزلة من يقول لرجل: علامة صدقي إنك فلان ابن فلان وصنعتك كيت وكيت وتعرف كيت وكيت، ولم يكن الامر كذلك بل بضده. فهذا لا يصدر ممن له مسكة عقل ولا يصدق احد على ذلك ولا يتبعه بل ينفر العقلاء كلهم عن تصديقه واتباعه ".

وقال ابن القيم في (هداية الحيارى): " ومن المعلوم بالضرورة أن محمداً بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه نادى معلناً في هاتين الأمتين اللتين هما أعلم الامم في الارض قبل مبعثه بأن ذكره ونعته وصفته بعينه عندهم في كتبهم وهو يتلو ذلك عليهم ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً في كل مجمع وكل نادٍ يدعوهم بذلك الى تصديقه والايمان به، ويخبر بما في كتبهم من نعته وصفته وذكره .. وغاية المكذب الجاحد أن يقول: هذا النعت والوصف حق ولكن لست أنت المراد به بل نبي آخر وهذا غاية ما يمكنه من المكابرة. فالصفات والنعوت والعلامات المذكورة عندهم منطبقة عليه حذو القذة بالقذة بحيث لا يشك من عرفها ورآه إنه هو. ومعلوم أن هذه المعرفة إنما هي بالنعت والصفة المكتوبة عندهم التي هي منطبقة عليه كما قال بعض المؤمنين منهم: والله لأحدنا أعرف به من ابنه أن أحدنا ليخرج من عند امرأته وما يدري ما يحدث بعده ".

وقال ابن تيمية في (الجواب الصحيح): " والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم ".

وقد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدقه كثير من علماء بني إسرائيل وأحبارهم ورهبانهم وأثبتوا صفته وأيدوا قوله كعبد الله بن سلام وعدي بن حاتم والنجاشي وغيرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير