قال ((تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا * مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (النساء:133 - 134). فقدَّم صفة السميع على صفة البصير.
ومثل ذلك تقديم صفة السميع على صفة العليم؛ حيث ورد ت في القرآن؛ كقوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (المائدة: 76)؛ وذلك لتعلُّق السمع بما قرُب؛ كالأصوات، وهمس الحركات. فإن من سمع حِسَّك، وخَفْيَ صوتك، أقربُ إليك في العادة ممن يقال لك: إنه يعلم، أو يبصر؛ وإن كان علم الله تعالى وبصره متعلقين بما ظهر وبطن، وواقعين على ما قرُب وبعُد؛ ولكن ذكر (السميع) أوقع في باب التهديد والتخويف، من ذكر (العليم والبصير) ولهذا كان أولى منهما بالتقديم.))
ولي على عبارته إعتراضين
# لا يمكن مطلقا الحديث عن صفة السمع للذات الآلهية أو البصر من حيث إدراك كنههما--ولا تقريبهما إلى الأذهان بقوله "وذلك لتعلُّق السمع بما قرُب؛ كالأصوات، وهمس الحركات. فإن من سمع حِسَّك، وخَفْيَ صوتك، أقربُ إليك في العادة ممن يقال لك: إنه يعلم، أو يبصر؛ "
واعتذاره عن المشابهة بقوله " وإن كان علم الله تعالى وبصره متعلقين بما ظهر وبطن، وواقعين على ما قرُب وبعُد؛"" غير كاف--ولا مسوغ له لاستثناء صفة السمع في اعتذاره
#لم يكن ذكر السمع في الآية مرتبطا بالتهديد ليقبل قول الكاتب ((ولكن ذكر (السميع) أوقع في باب التهديد والتخويف، من ذكر (العليم والبصير) ولهذا كان أولى منهما بالتقديم)) --وهاهي الآية ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا))
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 - 05 - 2005, 10:17 م]ـ
أخي الكريم جمال ..
لم يفتني حقاً ما جاء في بحث الأستاذ إسماعيل عتوك ..
ولي عليه بعض الملاحظات .. أسوقها في ثلاث نقاط مع تعليلاتها، كما يلي:
الملاحظة الأولى:
عند استقراء آيات السمع في القرآن الكريم تتّضح لنا الأمور التالية:
1 - تقديم السمع على البصر في القرآن الكريم كان غالباً بما يقرب من الأصل
2 - تقديم البصر على السمع كان فيما قلّ
3 - جاء الكلام عن السمع والبصر في القرآن الكريم في شأن الخالق سبحانه وفي شأن الناس.
4 - تقديم السمع لم يكن مقصوراً على البصر، فقد قُدّم على العلم كذلك. والمتتبّع لمواضع هذا التقديم يجد أنها اثنان وثلاثون موضعاً، هي كل ما جاء فيه.
5 - وكما قُدّم السمع على البصر وما جرى مجراه، وكما قُدّم على العلم، نجد أنه قُدّم كذلك على القرب، وذلك في قوله تعالى: " وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ".
هذا ما يقف عليه الباحث في تقديم السمع على ما سواه.
فهل يمكننا التسليم بأن هذا التقديم الراجح كان من باب المقدّم على المؤخّر دون أن يحتمل المقام تفسيراً آخر؟
يقول الأستاذ إسماعيل عتوك: وبهذا الذي ذكرناه يظهر لك سذاجة قول من قال: إن السمع قدِّم في القرآن على البصر؛ لأنه أشرف منه، بدليل أن الأذن، التي هي آلة السمع، أفضل وأرقى في الخلق من العين، التي هي آلة الإبصار عند الله؛ لأن الأذن لا تنام أبدًا، ولا تتوقف عن العمل أبدًا، بخلاف بقية أعضاء الجسم.
فنقول: حقاً، فلو كان تقديم السمع على البصر لشرف الأول على الثاني، دون اعتبار آخر، لاقتضى ذلك تقديمه في كل موضع اجتمعا فيه، ولما تخلّف منها موضع واحد لعدم تخلّف العلّة في التقديم.
ومع هذا، فلا بدّ أن نعي بأن تقديم السمع على البصر في الأصل، يدلّ على أن السمع أهم من البصر، لأن ما يحصل من ضروب المعرفة عن طريق السمع لا يحصل عن البصر، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن البصر يتوقّف في تحصيله للعلم على وسائط لا يتوقّف عليها السمع. وكم من أناس فقدوا نعمة الإبصار فلم يقعدوا عن طلب العلم، بل كانوا من المبرزين فيه.
ولذلك يمكننا أن ننتهي إلى القاعدة التالية: إن تقديم السمع على البصر بالنسبة للخلق والعباد يكون في:
¥