تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم إحفاء اللحية]

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[29 - 09 - 06, 04:42 م]ـ

شاع وسط كثير من المنتسبين للسنة إحفاء لحاهم كأنها بنت يومين أو ثلاثة ترخصا منهم بأعذار الله أعلم بها. ورأيت أن أقدم نصيحة في هذا وهي رسالة كنت كتبتها قديما

والرسالة ملحقة

وضعت الرسالة داخل المشاركة

## المشرف ##

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده و رسوله

أما بعد

فهذه رسالة مستعجلة ألفت فيها انتباه إخواننا إلى حكم إحفاء اللحية، فاستمع لهمستي، و انتبه لنصيحتي، وهاك ما سطرته لك في عجالة: أشار الله عز وجل إلى هدي الأنبياء في إعفاء اللحية في قوله تعالى: {قال يبنؤم لا تاخذ بلحيتي ولا برأسي}، فلاحظ أخي أنه ما كان لموسى أن يستطيع الإمساك بلحية هارون لولا أنها كانت بقدر يستطيع به أخذ لحيته بكفه , وقد ورد في ذلك بعض الأخبار في كتب التفسير وما أظنها تصح، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذا لحية حسنة تملأ نحره، إذا تكلم في نفسه أو قرأ في صلاته عرف ذلك من خلفه باضطرابها من وفورها كما صرحت بذلك الآثار, منها ما رواه البخاري في الصحيح {713} عن خباب أنهم كانوا يعرفون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر باضطراب لحيته.

وروى الإمام أحمد واللفظ له والبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة وصححه الألباني رحمه الله أن بعض الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم {إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم و يوفرون سبالهم}، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

{قصوا سبالكم و وفروا عثانينكم و خالفوا أهل الكتاب}. و السبال هي الشوارب، و العثانين هي اللحى، والحديث يدل على أن المبالغة في قص اللحية من عادة أهل الكتاب وأن الذي يفعل ذلك متشبه بهم وأنه إنما تحصل مخالفتهم بتكثيرها وتوفيرها، قال الطيبي رحمه الله: {لأن المنهي عنه هو قصها كفعل الأعاجم والمراد بالإعفاء التوفير، والأخذ من الأطراف قليلا لا يكون من القص في شيء} {9/ 2930}، و قد روى ابن سعد في الطبقات وغيره أن رجلا مجوسيا جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أحفى لحيته وأعفى شاربه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم منكرا عليه: {من أمرك بهذا؟ قال ربي قال لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي و أعفي لحيتي}. فتأمل مليا كيف كانت هيأة المجوسي، وكيف أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم عليه ذلك ثم بين له الفطرة وأنها بخلاف عادته، والإحفاء المبالغة في القص وقد عرف المشركون بمخالفة الفطرة في اللحية بطريقتين هي الإحفاء وهي الغالبة والحلق ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: {كانوا يقصون لحاهم ومنهم من كان يحلقها} الفتح {11/ 541}.

قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: {من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشرع عن ذلك} نيل الأوطار {1/ 166} وقال القاضي عياض رحمه الله: {وسنة بعض الأعاجم حلقها وجزها وهي كانت سبرة الفرس} إكمال المعلم {2/ 64}. والسبر بكسر السين الهيئة و قال ولي الله الدهلوي رحمه الله: {وقصها سنة المجوس} حجة الله البالغة {1/ 182}. وقال المناوي رحمه الله: {و كان من زي آل كسرى كما قال الروياني وغيره قص اللحى و توفير الشوارب}. وقال القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله في المعونة: {إعفاء اللحية توفيرها و تكثيرها لأن في ذلك جمالا للوجه و زينة للرجل و لأن الغرض بذلك مخالفة الأعاجم في نتفها وتبقية اليسير منها, و الإعفاء التكثير} المعونة {2/ 578}

قلت: وقد وجد في أهل الكتاب من يعفي لحيته و يوفرها و الشوارب من اليهود الحسيديم وغيرهم والنصارى الأرثودكس في شرق أوروبا والأقباط في مصر والسودان قال القرطبي رحمه الله: {الأعاجم يقصون لحاهم ويوفرون شواربهم أو يوفرونهما معا و ذلك عكس الجمال والنظافة} التفسير {2/ 105}.

وسئل مالك عن اللحية إذا طالت جدا فقال: أرى أن يؤخذ منها ويقص كما عند الزرقاني في شرح الموطأ {4/ 426} وعند القرفي {قال ابن أبي زيد: قيل لمالك إذا طالت اللحية جدا أيأخذ منها قال نعم} الذخيرة {13/ 281}، ومنهم من رأى أن عدم الأخذ منهما مما جاوز القبضة بدعة! وقال الطبري رحمه الله: {حمل هؤلاء النهي على منع ما كانت تفعله الأعاجم من قصها و تخفيفها} بواسطة الفتح {10/ 350} وذهب بعضهم إلى جواز الأخذ دون أخذ أهل الشرك كما روى الإمام أبو يوسف في كتاب الآثار عن إبراهيم النخعي أنه قال: {لا بأس أن يأخذ الرجل من لحيته ما لم يتشبه بأهل الشرك} كتاب الآثار رقم 1042.، وأما حلقها فأقبح وأشد حتى قال الإمام أبو شامة رحمه الله:

{و قد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها} الفتح {11/ 542}

طريفة

ومن الطريف ما وقع للدكتور عجيل النجمي عميد كلية الشريعة بجامعة الكويت سابقا فقد وقفت عن غير قصد على مقالة له في صفحة فتاوى مخصصة له في مجلة المجتمع {عدد 1394 ص58} يستدل فيها لجواز التقصير والتصغير الشديدين بما رواه البيهقي في السنن الكبرى {708} والشعب {6451} والطبراني {617} عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: {رأيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم … يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها} وقال الهيثمي في مجمع الزوائد {5/ 167}: {رواه الطبراني وإسناده جيد} والطريف في الإستدلال أنه تصحفت عليه الفاء غينا فقرأها: {يصغرونها}!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير