تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أحكام الأضحية من زاد المستقنع بشرح العلامة محمد المختار الشنقيطي]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 12 - 06, 06:15 م]ـ

وأما الأضحية فإنها تكون في وقت الضُّحى ولذلك سميت بهذا الاسم، والضُّحى أول النهار، فإذا أشرقت الشمس فإنه من بعد إشراقها إلى اشتداد النهار يسمى ضحى، ثم إذا اشتد النهار قبل الزوال يقال له الضَّحى بالفتح، ثم يكون انتصاف النهار، والهاجر، والقيلولة، فلما كان هذا النوع من القربان يذبح في هذا الوقت المستحب وهو أول النهار وصف بذلك، ولذلك استحب العلماء للأئمة والخطباء في عيد النحر أن يعجّلوا وأن يخففوا على الناس حتى يتمكن الناس من ذبح ونحر أضاحيهم في الوقت المستحب؛ ففي الحديث الصحيح عن النبي - r- أنه كان من سنته أن يعجل بالَأضْحى ويؤخر في الفطر والتعجيل بالأضحى لهذا المعنى فسميت الأضحية أضحية لأنها تذبح في هذا الوقت.

وجعل المصنف -رحمه الله- أحكام الأضحية تابعة للهدي؛ لأن الهدي هو المتصل بمناسك الحج والعمرة، ومن عادة العلماء والأئمة والفقهاء أن يذكروا النظير مع نظيره والشبيه مع شبيهه؛ والأصل أن الكتاب كتاب أنه للحج والعمرة، فناسب أن يبين سنية الهدي والإهداء إلى البيت، ثم لما يبين الهدي يتكلم على أحكام الأضحية؛ لأنها تكون في يوم النحر وهو من أيام الحج كما هو معلوم.

يقول رحمه الله: [باب الهدي والأضحية]: أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل التي تتعلق بالهدي والأضحية، والمسلم مطالب أن يعرف أحكام أضحيته؛ لأن هذه الأحكام يتلبّس بها ولربما يسأل عنها، وحينئذ يتعلمها ليعمل بها، ويعلمها الناس.

قال رحمه الله: [والهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر]: والهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر بيّن رحمه الله أن الهدي سنة من سنن النبي - r- وهديه، وهذا في غير هدي القِران، وهدي التمتع، وجزاء الصيد، والإحصار، وهذا لأنها واجبة ولازمة. وأما بالنسبة للمراد هنا فهو ما خرج عن اللزوم، ولذلك قال: لا تجب إلا بالنذر؛ واختلف في الأضحية على قولين: أصحهما وأقواهما أن الأضحية واجبة لمن استطاع وقدر على شرائها بوجود قيمة الأضحية فاضلة عن قوته وقوت من تلزمه نفقته؛ فهي واجبة؛ لأن النبي - r- قال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)) وأمر النبي - r- بذلك، ولو كانت غير واجبة لخيّر عليه الصلاة والسلام؛ ولأن النبي - r- قال في حديث السنن وحسنه بعض العلماء: ((من وجد سَعة فلم يضح فلا يقربنّ مصلانا)).

وذهب طائفة من العلماء إلى عدم الوجوب وقالوا إن النبي - r- قال في الحديث الصحيح: ((إنما ضحى بكبشين أملحين قال في أحدهما: ((اللهم هذا عن محمد وآل محمد، وقال في الثانية: عمن لم يضح من أمة محمد - r- )) فقالوا إن هذا يدل على أن الأضحية ليست بواجبة.

وقد أجيب عن هذا الاستدلال بأن قوله: ((عمن لم يضح ... )) يحتمل أن يكون المراد به من عجز ولم يقدر فجبر الله له ذلك العجز وبلغه بفضله - I- وكرمه على أمة محمد - r- بهذا الفضل، فالحديث محتمل، ومن هنا لا يقوى على صرف الأمر عن ظاهره، وهذا لاشك أنه أقوى القولين وأحوطهما. ولما سئل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما وأرضاهما- فسأله رجل عن الأضحية. وقال: يا أبا عبد الرحمن أواجبة هي؟ فقال له رضي الله عنه وأرضاه: ((ضحى رسول الله - r- وأبوبكر وعمر وعثمان)). فرد عليه وقال: يا أبا عبد الرحمن الأضحية واجبة؟ فرد عليه وقال: ((ضحى رسول الله - r- وأبوبكر وعمر وعثمان)). فلما كانت الثالثة وسأله قال له أتعقل؟! ضحى رسول الله يعني من يترك هذا الشيء الذي فعله رسول الله - r- وفعله الخلفاء الراشدون المهديون من بعده، وهذا والله هو الفقه في حمل الناس على السنة، وترغيبهم فيها وحثهم عليها رضي الله عنه وأرضاه.

وبيّن رحمه الله أن الأضحية تجب بالنذر فإن قيل بعدم وجوبها في أصل الشرع فإنها تجب بالنذر. وصورة ذلك: أن يقول: لله علي أن أضحي هذا العام؛ فحينئذ إذا قلنا إن الأضحية ليست بواجبة فإنه يجب عليه أن يفي بنذره إذا كان مستطيعا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير