[اتقوا الله في نقل كلام أهل العلم!!]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 06, 11:36 ص]ـ
يا إخواني اتقوا الله في النقل عن أهل العلم
قديما قالوا: لا آفة على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها؛ فإنهم يفسدون ويظنون أنهم يصلحون.
وقديما قال الأعمش: يهلك الناس رجلان: نصف عالم ونصف طبيب
وقديما قال الشاعر (مع التحفظ):
قال حمار الحكيم توما ........... لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط ........... وصاحبي جاهل مركب
وقد كان الناس قديما تواجههم مشكلات في طلب العلم:
= منها صعوبة شراء الكتب، ثم صارت الألوف المؤلف من الكتب حاليا متاحة على الشبكة مجانا، ومعظم الإخوة لديهم الموسوعة الشاملة التي تحتوي على نحو ألفي كتاب
= ومنها صعوبة الوصول إلى المشايخ والسفر أشهرا في سبيل ذلك، ثم صار حضور الدروس واستماعها اليوم وأنت في بيتك من أسهل الأمور
= ومنها فقدان العالم والمفتي عند الحاجة إلى الفتوى، ثم صار هذا الأمر يسيرا جدا في عصرنا؛ عن طريق الهاتف أو مواقع الفتوى، أو هذا الموقع المبارك
ولكن المشكلة الآن - ومع تيسر هذا الأمر، وسهولة سلوك مسالك الطلب – أن الكاتب صار يكتب ولا علم له بحقيقة ما يكتب، والباحث صار يسطر ولا وقوف له على أصول ما يسطر، والجامع صار يجمع، ولا يدري أنه في الحقيقة يقمش ولا يفتش!
كثير من الباحثين فضلا عن طلبة العلم ينقلون من أهل العلم كلاما وينزلونه غير منازله؛ مع أنهم لم يريدوا بهذا الكلام ما أراده هذا الباحث أو ذاك.
بل صار النقل أحيانا من جنس الاحتجاج بـ {ألم نشرح لك صدرك} على وجوب الزكاة!!، أو من نوع الاستشهاد بـ {في بيوت أذن الله أن ترفع} على رفع المجرور!
إن الواجب على من ينقل كلاما عن واحد من أهل العلم أن يعرف أنه قد فهم حقا ما ينقله عن هذا العالم، ويعرف أنه قد وضعه موضعه وأنه أراد به هذا المراد أو ذاك.
ولا يصح أن تُقتطع الجملُ والعبارات من سياقها، ولا أن توضع في غير موضعها، ولا أن يستشهد بها على ما لا يريده القائل.
ومعرفة مراد القائل من القول أهم من الوقوف عند ظاهر هذا القول وخاصة في لغة العرب؛ لأن لسان العرب من أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها حملا للوجوه التي يعرف الراجح منها من المرجوح بناء على القرائن التي كثيرا ما تكون أقوى من التصريح.
وإن إغفال مراعاة القرائن الحالية والمقالية يوقع كثيرا من الباحثين في الزلل إما تعمدا منهم وتقميشا في سبيل جمع أكبر قدر ممكن لتأييد مرادهم، وإما جهلا منهم بمواقع الكلام وفهمه وتدبره.
وإن الأمثلة على ما قدمتُ ذكره لمما يضحك الثكلى، ويوقظ النومى!
- فيأتي مثلا بعضهم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ويقتطع من كلامه جملة يستشهد بها على صحة مذهب الصوفية في قولهم (حدثني قلبي عن ربي)!
- ويأتي ثانٍ وينقل عن ابن تيمية إجازته لحلق اللحية لمصلحة الدعوة!
- ويأتي ثالث ويذكر أن ابن تيمية لا يعتد بالإجماع!
- ويأتي رابع ويقرر أن ابن تيمية تفلسف ولم يستطع الخروج!
- .... إلخ إلخ
يا إخواني الكرام، كتب ابن تيمية موجودة وكثيرة جدا بحمد الله، ومذهبه وأقواله معروفة مشهورة، ومنهجه ومشربه واضح بالتتبع والاستقراء.
فيا من قررت هذه الأمور الفاضحة هل اطلعت على كتب شيخ الإسلام ونظرت فيها ودققت حتى تعرف أمحق أنت أم مبطل؟ وحتى تعرف أصحيح فهمك أم سقيم؟
والله العظيم أمور مضحكة جدا تصدُر ممن تكاد تجزم أنه لم يقرأ سوى هذا السطر الذي نقله عن هذا العالم!
- ابن حزم يؤيد القياس ويذهب إليه!
- أحمد بن حنبل عنده شوب بدعة في الاعتقاد!
- الشافعي كان ضعيفا في الأصول!
- ابن عثيمين ظاهري المذهب!
..... إلخ إلخ
اتقوا الله يا إخواني، ثم اتقوا الله، ثم اتقوا الله!
لا يصح اقتطاع جملة لأحد العلماء من سياقها وتنزيلها على غير موضعها، ثم استخلاص فهم بناء على ظاهرها إذا كان يخالف ما قرره هذا العالم في كتبه، بل يخالف ما هو معروف مشهور عنه عند أهل العلم.
وقديما قال علماؤنا: إن الجمع بين أقوال أهل العلم وحملها على التوافق أولى من ضرب بعضها ببعض وحملها على التناقض والتعارض.
اللهم إني أسألك علما نافعا وفهما صائبا وعملا متقبلا!
ـ[وائل النوري]ــــــــ[29 - 11 - 06, 01:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أحسن الله إليك، وزادك حرصا على نفع المسلمين.
هذا ملحظ جيد، ومسلك طيب، ومنزع سلفي في بيان ما كان خافيا على بعض إخواننا الطيبين من سبيل أهل العلم من سلف هذه الأمة في الفهم والاستدلال.
والأمر كما قال الشيخ أبو مالك يحتاج إلى تتبع ومعرفة بالاستعمالات.
وقد ظن بعض الناس، فكان باطلا، وتوهموا محالا أن بلوغ درجات العلم مشاعة لكل طالب.
وإنما هو كما قيل:
ذهن ثاقب، وزمان طويل، وكفاية، وعمل كثير، ومعلم حاذق، وشهوة، فمن قصر في بعضها أتى بالعجائب، وعلى قدر النقص منها ينال من العلم وأهله.
¥