تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بحث جديد عن حكم الصلاة بالطائرة]

ـ[أبو الفتح]ــــــــ[11 - 12 - 06, 04:19 م]ـ

المصدر: موقع دار الإفتاء المصرية

http://www.dar-alifta.com/ViewResearch.aspx?ID=17

قد يجد المرء نفسه مضطرًا إلى الصلاة على متن الطائرة حال طيرانها في الجو لدخول الوقت وتعلق التكليف بذمته، والمعتمد هو صحة الصلاة فيها؛ لأنه طالما قد انتفى الخلل في أركان الصلاة وشرائطها، فإن بقاء الصلاة على الصحة هو الأصل المستصحب خاصة مع عدم انتهاض دليل على البطلان.

واستدل بعض العلماء ([1]) أن الله تعالى إذا كان لا يمتن بمحرم، وقد امتن علينا في آية النحل بوجود هذه المراكب التي من جنسها الطائرات من حيث هي مركوب فهذا يدل على جواز ركوبها، فقال سبحانه: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]، فإذا كان ركوبها جائزًا ودخل وقت الصلاة فيها فالذي يدخل في وسع المصلي وطاقته ساعتئذ أن يصلي على هذه الحال؛ لأنه لا تكليف إلا بالمستطاع؛ قال الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال تعالى أيضًا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" ([2]).

والطائرة وإن كانت من المراكب المستحدثة التي لم يطلع عليها الفقهاء الأقدمون، إلا أنها تشبه بعض الوسائل التي استخدمها الناس وحَكَم الفقهاء بجواز الصلاة فيها.

فالطائرة حال طيرانها تشبه السفينة في أن كلا منهما لا يتصل بالأرض مباشرة حال سيره، والصلاة في السفينة قد قرر العلماء صحتها من حيث الجملة، فتقاس عليها الصلاة في الطائرة؛ لأنهما اشتركتا في أن الصلاة عليهما صلاة على غير متصل بالأرض.

ودليل صحة الصلاة في السفينة ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الصلاة في السفينة، فقال: "صل فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق" ([3]).

وسئل أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصلاة في السفينة فقال عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس: سافرت مع أبي سعيد الخدري وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله، فكان إمامنا يصلي بنا في السفينة قائمًا ونحن نصلي خلفه قيامًا ولو شئنا لأرفأنا وخرجنا ([4]).

والصلاة في السفينة صحيحة عند المذاهب المتبوعة على تفصيل في ذلك، وممن أطلق صحة الصلاة في السفينة فقهاء الشافعية والحنابلة:

قال الإمام النووي من الشافعية: "وتصح الفريضة في السفينة الواقفة والجارية والزورق المشدود بطرف الساحل بلا خلاف إذا استقبل القبلة وأتم الأركان" ([5]).

وجاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: " (ومن أتى بالمأمور) أي بجميع ما أمر به (من كل ركن ونحوه) وهو الشروط والواجبات (للصلاة وصلى عليها) أي الراحلة (بلا عذر) من مطر ونحوه (أو) صلى (في سفينة ونحوها) كمحفة (ولو جماعة من أمكنه الخروج منها واقفة) كانت (أو سائرة صحت) صلاته لإتيانه بما يعتبر فيها" ([6]).

وقد علل بعض العلماء صحة الصلاة في السفينة بأنها موضع حاجة، أو مظنة حاجة -كما هو تعبير بعض فقهاء الحنابلة-.

قال الرافعي في الشرح الكبير: "وليست الدابة للاستقرار عليها، وكذلك القول في الأرجوحة المشدودة بالحبال، فإنها لا تعد في العرف مكان التمكن، وهو مأمور بالتمكن والاستقرار، وهذا بخلاف السفينة حيث تصح الصلاة فيها وإن كانت تجرى وتتحرك بمن فيها كالدواب تتحرك بالراكبين؛ لأن ذلك إنما يجوز لمساس الحاجة إلى ركوب البحر وتعذر العدول في أوقات الصلاة عنه، فجعل الماء علي الأرض كالأرض وجعلت السفينة كالصفائح المبطوحة علي الأرض" اهـ ([7])

والسفينة والطائرة يشتركان في كونهما موضع حاجة أو مظنة حاجة، وكونهما مظنة حاجة لا يعني ذلك قصر الحكم بالصحة على أحوال الاستخدام الضرورية أو الحاجية فقط، بل يشمل ذلك كل أحوال الاستخدام إقامة للمظِنَّة منزلة المَئِنَّة أي إقامة لمحل الظن مقام محل اليقين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير