تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلَي أبِي الزَّهْرَاءِ الشَّافِعِيِّ: حَدِيثُ الطِنْفِسَةِ!

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[04 - 10 - 06, 06:16 م]ـ

الْحَبِيبُ / أبُو الزَّهْرَاءِ الشَّافِعِيُّ

جَعَلَ اللهُ تَعَالَى رَمَضَانَ عَلَيْكَ شَهْرَ بَرَكَةٍ وَنُورٍ، وَمَسَرَّةٍ وَحُبُورٍ

وَأَجْرٍ وَعِبَادَةٍ، وَرِضَاً وَزِيَادَةٍ، وَقَسَمُ لَكَ فِيهِ مِنْ خَيْرِ مَا قَسَمَ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.

[تنبيهٌ] بَرِيدُكُمْ لا يَسْمَحُ بِتَلَقِّي الرَّسَائِلِ، وَلَكم عِنْدِي أَجْوِبَةٌ لِسُؤَالاتٍ عَدِيدَةٍ.

الرَّجَا تَفْعِيلُ السَّمَاحِ بِتَلَقِّي الرَّسَائِلِ وَاسْتِقْبَالِهَا لِلضَّرُورَةِ.

الْجَوَابُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ مِنْ تَأْوِيلِ حَدِيثِ الطِنْفِسَةِ

ــــــــــ

[أوَّلاً] فَأَمَّا قَوْلُ أبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ حَزْمٍ: «رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنْت أَرَى طِنْفِسَةً لِعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تُطْرَحُ إلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْغَرْبِيِّ، فَإِذَا غَشِىَ الطَّنْفَسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَلَّى، ثُمَّ نَرْجِعُ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، فَنُقِيلُ قَائِلَةَ الضُّحَى». هَذَا يُوجِبُ أَنَّ صَلاةَ عُمَرَ الْجُمُعَةَ كَانَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ، لأَنَّ ظِلَّ الْجِدَارِ مَا دَامَ فِي الْغَرْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَارَ الظِّلُّ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَلا بُدَّ».

قُلْتُ: يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ: أَنَّ الْجِدَارَ الْغَرْبِيَّ لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَإِنْ كَانَ غَرْبِيَّاً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَرْبِي الْجِهْةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ لَيْسَتْ إِلَى وَسَطِ الْجَنُوبِ، وَانْحِرَافُهَا إِلَى الْمَشْرِقِ كَبِيْرٌ، فَجِدَارُهُ الْغَرْبِيُّ مَائِلٌ عَنْ الْغَرْبِ الْجُغْرَافِيِّ غَيْرُ مُسَامِتٍ لَهُ، بَلْ وَاقِعٌ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ الْغَرْبِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ، وَعَلَيِْه فَلِلْجِدَارِ ظِلٌّ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَلَكِنَّهُ لا يَمْتَدُّ بِقَدْرِ الطِّنْفِسَةِ بِحَيْثُ يَغْشَاهَا كُلَّهَا إِلا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ خُرُوجَ عُمَرَ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ غَشِىَ الطَّنْفَسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ «فَتْحُ الْبَارِي»: «قَوْلُ مَالِكِ بْن أَبِي عَامِرٍ: «كُنْتُ أَرَى طِنْفِسَةً لِعَقِيلِِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تُطْرَحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جِدَارِ الْمَسْجِد الْغَرْبِيِّ، فَإِذَا غَشِيَهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ» إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَخْرُجُ بَعْد زَوَالِ الشَّمْسِ، وَفَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ عَكْسَ ذَلِكَ، وَلا يُتَّجَه إِلا إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الطِّنْفِسَةَ كَانَتْ تُفْرَشُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ تُفْرَشُ لَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ عُمَرُ يَتَأَخَّر بَعْد الزَّوَال قَلِيلاً. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَزَالَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ عُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ»؛ وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ فَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ «صَلَّى خَلْفَ عَلِيٌّ الْجُمُعَةَ بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ» إِسْنَاده صَحِيح، وَرُوِيَ أَيْضَاً مِنْ طَرِيق أَبِي رَزِينٍ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ، فَأَحْيَانَاً نَجِدُ فَيْئَاً، وَأَحْيَانَاً لا نَجِدُ»، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ عِنْدَ الزَّوَال أَوْ التَّأْخِير قَلِيلاً، وَأَمَّا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير