[أثر مكبرات الصوت على سنن الأذان (للشيخ عبدالحميد المشعل)]
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[25 - 09 - 06, 10:51 م]ـ
[أثر مكبرات الصوت على سنن الأذان (للشيخ عبدالحميد المشعل)]
المصدر:
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_article_main.cfm?id=1689
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، رب الأولين و الآخرين، رفع قدر أهل العلم و الإيمان، و جعل علامة أعظم شعائر الإيمان: الأذان، و أشهد أن لا إله إلا الله عظيم الشأن، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمد عبده ورسوله المبعوث عامة إلى الإنس والجان، أرسله للإيمان منادياً، و إلى الجنة داعياً، ففتح القلوب و البلدان فرفع الله ذكره، قال الله تعالى: " و رفعنا لك ذكرك " (1)، و من رفع ذكره: أنه إذا ذكر الله ذكر معه، قال الشاعر:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد (2)
اللهم صل على محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله سبحانه و تعالى فضل أمة محمد_صلى الله عليه وسلم_ على سائر الأمم، قال الله تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (3)، فاختار الله لها من الشرائع أكملها، ومن الأخلاق أزكاها.
ومن خصائص هذه الأمة: الأذان للصلوات الخمس، فالأذان من أظهر الشعائر الإسلامية لهذه الأمة، و هو العلامة المفرقة بين دار الإسلام و الكفر، و شعار للإسلام وأهله حيث ينادى به في كل يوم خمس مرات.
وقد جد في هذا العصر الأذان عبر مكبرات الصوت والتي لها أثر على جملة من سنن الأذان المشروعة في الأذان مما يستدعي البحث والنظر في هذا الأثر وأحكامه، وذلك من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: سنن متعلقة بصفة الأذان.
المطلب الثاني: سنة متعلقة بالمؤذن.
المطلب الثالث: سنة متعلقة بما يؤذن له.
المطلب الأول: سنن متعلقة بصفة الأذان.
المسألة الأولى: كون الأذان على علو.
اتفق الفقهاء على أنه يستحب أن يكون الأذان من فوق مكان عال كالمنارة و سطح المسجد و نحوهما (4).
واستدلوا بما يأتي:
1 - حديث عروة بن الزبير – رضي الله عنه - عن امرأة من بني النجار قالت: وكان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال – رضي الله عنه - يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أحمدك، أستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن .. (5).
وجه الدلالة: أن طلب العلو ظاهر من فعل بلال – رضي الله عنه – حيث يرقى على بيت الأنصارية.
2 - ما جاء في بعض روايات حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - للأذان: قال:"رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذم حائط، فأذن .. " (6).
وجه الدلالة: أنه رآه يؤذن و هو مرتفع على جذم حائط.
3 - ما جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" قال:" ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا" (7).
وجه الدلالة: في قوله: " يرقي هذا و ينزل هذا " حيث يدل على أنه في مكان عال.
4 - ما روي عن أبي برزة الأسلمي-رضي الله عنه-قال: "من السنة الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد " (8).
وجه الدلالة: أنه صريح في الدلالة على المراد.
5 - ولأن المقصود من الأذان: تبليغ الناس به، وإعلامهم بالوقت، والأذان من المكان العالي أبلغ في ذلك (9).
أثر مكبرات الصوت على هذه السنة:
يقصد بهذا الأثر: هل المؤذن الذي يؤذن بواسطة المكبر يترك الارتفاع أو لا؟ فأقول:
المقصد من الارتفاع: أن يبلغ الصوت مسافات بعيدة، وهذه الوسيلة يقوم بها المكبر أتم قيام؛ لذا فإنه في هذه الحالة اجتمعت وسيلتان، تؤديان نفس المقصود، و لا يمكن الجمع بينهما إلا بنوع مشقة، فنرجح بينهما، ومن قواعد الترجيح بين الوسائل: أن الوسيلة القوية في الوصول إلى المقصود مقدمة على غيرها، ويشهد لهذا النوع من الترجيح: قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ارموا واركبوا، ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا " (10)، فوسيلة الرماية أفضل من وسيلة الركوب؛ لما في الرماية من شدة النكاية و قوة التأثير في العدو، قال الإمام ابن تيمية - قدس الله روحه -: " وكلما قويت الوسيلة في الأداء كان أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها " (11)، و بناء على ذلك فلا يرتفع
¥