تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعده: ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلابك إنك على كل شيء قدير. فتبرأ من حوله وقوته ومشيئته بدون مشيئة الله وحوله وقوته وأقر لربه بقدرته على كل شيء وأن العبد عاجز عن كل شيء إلا ما أقدره عليه ربه ففي هذا الكلام إفراد الرب تعالى بالحول والقوة والقدرة والمشيئة وأن العبد غير قادر من ذلك كله إلاعلى ما يقدره مولاه وهذا نهاية توحيد الربوبية. وللشافعي من أبيات ما شئت كان وإن لم أشأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن وقد حمل طائفة منهم الإمام أحمد كلام ابن عباس في تأويل الآية على وجه آخر وهو أن الرجل إذا قال: لا أفعل كذا وكذا، ثم أراد فعله فإنه يستثني ويقول: إن شاء الله، ثم يفعله ويتخلص بذلك من الكذب إذا لم يكن حلف على يمين، وكان يحيى بن سعيد القطان إذا قال: لا أفعل كذا لا يفعله أبدا، فإذا قيل له: لم تحلف، يقول: هذا أشد - يعني الكذب - لو كنت حلفت كان أهون كنت أكفر يميني وأفعله. وسئل الإمام أحمد عمن يقول: لا آكل ثم يأكل، قال: هو كذب لا ينبغي أن يفعل ذلك. ونقل الوليد بن مسلم في كتاب الأيمان والنذور عن الأوزاعي في رجل كلم في شيء فيقول: نعم إن شاء الله، ومن نيته أن لا يفعل، قال: هذا الكذب والخلف، قال إنما يجوز المستثنى في اليمين، قيل له: فإنه قال: نعم إن شاء الله ومن نيته أن يفعل ثم بدا له أن لا يفعل قال له ثنياه. وهذا يدل على أن الاستثناء بالمشيئة في غير اليمين إنما ينفع لمن لم يكن مصمما على مخالفة ما قاله من أول كلامه. قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت وما لعنت من لعن فعلى من لعنت. قال الخطابي: الوجه أن ترفع التاء من صليت ولعنت في الأولى وأن تنصبها منهما في الأخرى. والمعنى كأنه يقول: اللهم اصرف صلاتي ودعائي إلى من اختصصته بصلاتك ورحمتك واجعل لعنتي على من استحق اللعن عندك واستوجب الطرد والإبعاد في في حكمك ولا تؤاخذني بالخطأ مني في وضعها غير موضعها وإحلالها في غير محلها. قال: وإنما يصح على هذا التأويل إذا كان قد سبقت منه صلاة أو لعن لغير المستحقين، قال: وقد يحتمل أن يكون إنما دعا بالتوفيق واشترط في مسألته العصمة لئلا يجري على لسانه ثناء إلا لمن يستحق الثناء من أوليائه ولا ذم إلا لمن يستحقه من أعدائه كأنه يقول: اللهم احفظني حتى لا أوالي إلا أولياءك ولا أعادي إلا أعداءك، قال: والوجه الأول إنما ينصرف إلى الماضي والوجه الآخر في المستقبل والله أعلم. انتهى. قلت: التفسير الأول أصح ويشهد له قول أبي الدرداء: اللهم فمن صليت عليه فعليه صلاتي ومن لعنت فعليه لعنتي. وقول الخطابي: إن هذا الوجه إنما ينصرف إلى الماضي ضعيف بل الصواب أنه ينصرف إلى المستقبل وأن المراد ما لعنت في هذا اليوم من لعن وما صليت فيه من صلاة يعني ما ألعن وما أصلي، وهذا مما تقدم في قوله: ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه. وقد وافق الخطابي كما تقدم عنه أن المراد به ما يقوله ويحلفه وينذره في المستقبل فكذلك الصلاة واللعن. واعلم أن العبد مبتلى بلسانه يلعن به من يغضب عليه ويمدح به من يرضى عنه وكثيرا ما يمدح من لا يستحق المدح ويلعن من لا يستحق اللعن، وقد ورد في غير حديث أن اللعنة إذا لم يكن الملعون بها أهلا لها رجعت على اللاعن، واللعن دعاء فربما أجيب وأصاب ذلك الملعون وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي لعنت بعيرها أن ترسله وقال: لا تصحبنا ناقة ملعونة. وكان بعض السلف لا يدخل بيته بشيء ملعون ولا يأكل من بيض دجاجة يلعنها ولا يشرب من لبن شاة لعنها. قال بعضهم: ما أكلت شيئا ملعونا قط. وذكر ابن حامد من أصحابنا عن أحمد قال: من لعن عبده فعليه أن يعتقه أو شيئا من ماله أن عليه أن يتصدق. قال: ويجيء في لعن زوجته أنه يلزمه أن يطلقها ويشهد لهذا في الزوجة وقوع الفرقة بين المتلاعنين لما كان أحدهما كاذبا في نفس الأمر قد حقت عليه اللعنة والغضب. فإذا قدم العبد من أول نهاره في دعائه أن ما لعن من لعن فإنه لاحق بمن لعنه الله وما أثنى من ثناء فهو لاحق بمن أثنى الله عليه فقد خلص بذلك من إثم لعن من لا يستحق اللعن أو من لايستحق المدح إذا وقع ذلك سهوا أو غلطا أو عن قوة غضب ونحوه، فأما من يتعمد ذلك مع علمه بالحال ففي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير