تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دخوله في هذا الشرط نظر مع أن عموم اشتراطه يقتضي دخوله فيه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترط أنه من سبه أو لعنه أو ضربه في غضب ونحوه أنه يكون له كفارة وصلاة وفي رواية وهو غير مستحق؛ وهذا إنما يكون إذا ظن استحقاقه لذلك ثم تبين أنه غير مستحق قوله صلى الله عليه وسلم: أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين. مأخوذ من دعاء يوسف عليه السلام حين قال: فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين. والله عز وجل ولي أوليائه في الدنيا والآخرة يتولى حفظهم وكلاءتهم وهدايتهم وحراستهم في دينهم ودنياهم ما داموا أحياء فإذا حضرهم الموت توفاهم على الإسلام وألحقهم بعد الموت بالصالحين، وهذا أجل النعم وأتمها على الإطلاق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته: مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وقول يوسف عليه السلام: توفني مسلما وألحقني بالصالحين. قيل إنه دعا لنفسه بالموت وهو قول جماعة من السلف منهم الإمام أحمد فيستدل به على جواز الدعاء بالموت من غير ضر نزل به، وقيل إنه إنما دعا لنفسه بالموت على الإسلام عند نزول الموت وليس فيه دعاء بتعجيل الموت كما أخبر عن المؤمنين أنهم قالوا في دعائهم: ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. ويؤيد التفسير الأول أنه عقبه بالدعاء بالشوق إلى لقاء الله وهو يتضمن الدعاء بالموت. واستدل من جوز الدعاء بالموت وتمنيه بقوله تعالى: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ثم ذمهم على عدم تمنيه بسبب سيئاتهم وعلى حرصهم على طول الحياة في الدنيا وكذلك قوله تعالى: قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين. وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحد الموت إلا من وثق بعمله. فمن كان له عمل صالح فإنه يتمنى القدوم عليه وكذلك من غلب عليه الشوق الى لقاء الله، وأما من تمنى الموت خوف فتنته في الدين فإنه يجوز بغير خلاف وقد بسطنا الكلام على هذه المسائل في غير هذا الموضع. قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولافتنة مضلة. هذه الثلاث الخصال قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بها في غير هذا الحديث أيضا من حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد شرحنا حديثه بتمامه في موضوع آخر. فأما الرضا بالقضاء فهو من علامات المخبتين الصادقين في المحبة فمتى امتلأت القلوب بمحبة مولاها رضيت بكل ما يقضيه عليها من مؤلم وملائم سيان إن لاموا وإن عذلوا مالي عن الأحباب مصطبر لا بد لي منهم وإن تركوا قلبي بنار الهجر تستعر وعلي أن أرضى بما حكموا وأطيع في كل ما أمروا إذا امتلأت القلوب بالرضا عن المحبوب صار رضاها في ما يرد عليها من أحكامه وأقداره قال عمر بن عبد العزير: أصبحت ومالي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر. دخلوا على بعض التابعين في مرضه فقال: أحبه إلي أحبه إليه إن كان سركم ما قد بليت به فما لجرح إذا أرضاكم ألم حسب سلطان الهوى أنه يلذ كل ما يؤلم، وربما اختار بعض المحبين الذل على العز والفقر على الغنى والمرض على الصحة والموت على الحياة عزي ذلي وصحتي في سقمي يا قوم رضيت في الهوى سفك دمي عذالي كفوا فمن ملامي ألم من بات على مواعيد اللقاء لم ينم، وإنما قال صلى الله عليه وسلم الرضا بعد القضاء لأن ذلك هو الرضا حقيقة. وأما الرضا بالقضاء قبل وقوعه فهو عزم على الرضا وقد تنفسخ العزائم عند وقوع الحقائق، ومع هذا فلا ينبغي أن يستعجل العبد البلاء بل يسأل الله العافية، فإن نزل البلاء تلقاه بالرضا. قتل لبعضهم ولدان في الجهاد فجاءه الناس يعزونه بهما فبكى وقال: ما أبكي على قتلهما ولكن كيف كان رضاهما عن الله حين أخذتهما السيوف. إن كان سكان الغضا رضوا بقتلي فرضا والله ما كنت لما يهوي الحبيب مبغضا صرت لهم عبدا وما للعبد أن يعترضا من لمريض لا يرى إلا الطبيب الممرضا وأما برد العيش بعد الموت فالمراد به

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير