تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الجواب لأنهم على تقدير من كانت هجرته إلى الله و رسوله «نية و قصدا» فهجرته إلى الله «ثوابا و أجرا». ما يستفاد من الحديث: 1. أن مدار الأعمال على النيات صحة و فسادا، و كمالا و نقصا و طاعة و معصية، فمن قصد بعمله الرياء آثم و من قصد بالجهاد مثل إعلاء كلمة الله فقد كمل ثوابه، و من قصد بذلك الغنيمة نقص ثوابه، و من قصد الغنيمة وحدها لم يؤثم و لكن لا يعطى أجر المجاهد فالحديث مسوق لبيان أن كل عمل طاعة كان في الصورة أو معصية يختلف باختلاف النيات. 2. أن النية شرط أساس في العمل و لكن بلا غلو في استحضارها، فيفسد على المتعبد عبادته فإن مجرد قصد العمل يكون نية له بدون تكليف استحضارها و تحقيقها. 3. إن النية محلها القلب و اللفظ بها بدعة. 4. وجوب الحذر من الرياء و السمعة و العمل لأجل الدنيا ما دام أن شيئا من ذلك يفسد العبادة. 5. وجوب الاعتناء بأعمال القلوب و مراقبتها. 6. أن الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام من أفضل العبادات إذ قصد بها وجه الله تعالى. فائدة: العمل لغير الله على أقسام. 1. فتارة يكون رياء محض لا يقصد به سوى مرآة المخلوقين لتحصيل غرض دنيوي و هذا لا يكاد يصدر من مؤمن و لا شك في أنه يحيط العمل و أن صاحبه يستحق المقت من الله و العقوبة. 2. و تارة يكون العمل لله و يشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فإن النصوص الصحيحة تدل على بطلانه. 3. و إن كان أصل العمل لله ثم طرأ عليه نية الرياء و دفعه صاحبه فإن ذلك لا ضره بغر خلاف. 4. و قد اختلف العلماء في الاسترسال في الرياء الطارئ، هل يحبط العمل أولا ضر فاعله و يجازى على أصل نيته. ملاحظة: انظر ابن لعربي ج1 ص 610 المسألة الرابعة في السفر في الأرض إلى أن قال: و بعد هذا فالنية تقلب الواجب من هذا حراما و الحرام حلالا بحسب حسن القصد و خلاص السر عن الشوائب. و 1. عن ابن عباس – رضي الله عنهما،أن سعد بن عبادة توفيت أمه و هو غائب عنها، فقال: يا رسول الله: إن أمي توفيت و أنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: نعم، قال: فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عليها» البخاري 2762. 2. عن عائشة – رضي الله عنها – أن رجلا قال للنبي – صلى الله عليه سلم إن أمي ابتليت نفسها و أراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها، قال: نعم، تصدق عنها» البخاري 2760. شرح المفردات: • ابتليت: أخذت بغتة «موت الفجأة». • أراها: بمعنى أظنها. • ظاهر الحديث يدل على جواز الصدقة على الميت، و أن ثواب ذلك يصل إليه و الكلام عليه من وجوه: 1. الوجه الأول: السؤال للعالم عند الجهل و ترك الحكم بالرأي لأن هذا الصحابي – رضي الله عنه – إن لم يكن له علم، هل تنفع صدقته بتلك النية التي أراد أم لم يقدم عليها برأيه؟ و إنما سأل النبي - صلى الله عليه و سلم – و حينئذ قدم على الفعل بعد العلم بالحكم. 2. الوجه الثاني: فيه دليل على جواز السفر بحضرة الأبوين لأن هذا الصحابي – رضي الله عنه – سافر و أمه بالحياة، لكن يشترط فيه إذن الأبوين. و قد تكلم الفقهاء في ذلك، وإنما سكت عن الإخبار بالإذن بهذا الحديث بالعلم به. 3. الوجه الثالث: إن رب الوالدين مطلوب بعد مماتهم لأن الصدقة عنهم من ذلك الباب، و قد صرح الشارع عليه السلام بذلك في غير هذا الحديث حين سأله بعض الصحابة في ذلك، فقال: «أن تنفذ وصيتهما و تبر صديقيهما» فقد يكون المرء عاقا في حياة الأبوين بارا لهما في الممات، و قد يكون بالعكس. 4. الوجه الرابع: فيه دليل على أن الأفضل المسارعة إلى أفعال البر إذا علمت حتى يكون العلم مستصحب بالعمل لأن هذا الصحابي – رضي الله عنه – لما أن أخبره نبيه – صلى الله عليه و سلم – بجواز الصدقة و علم أن له فيها الأجر، أخرجها من حينه فأشهد النبي –صلى الله عليه و سلم – على صدقته و على هذا الأسلوب كان حال الصحابة – رضي الله عنهم – مهما زاد أحدهم في علم ظهرت في عمله، حتى أنهم كانوا يعرفون زيادة علم الإنسان في عمله و كذلك صاحبه. 5. الوجه الخامس: قيه دليل على الإشهاد على الصدقة لأن هذا الصحابي أشهد النبي – صلى الله عليه و سلم – على صدقته و الحكمة في ذلك اغتنام صدق النية في العمل حين حصول العلم فبينت الأمر لتامن غائلة «المهلكة و الشر» النفس و

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير