بل إنهم كانوا يسمون التي لا تختتن بالمتكاء ففي الفتح يقول الحافظ رحمه الله:
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: الْمُتَّكَأ مَا تُبْقِيه الْخَاتِنَة بَعْدَ الْخِتَان مِنْ الْمَرْأَة، وَالْمَتْكَاء الَّتِي لَمْ تُخْتَن، وَعَنْ الْأَخْفَش الْمُتَّكَأ الْأُتْرُجّ)
بل إن الفقهاء كانوا يعدونه (أي الختان) من علامات الإسلام وشعائره فقد قال الإمام ابن بطال في شرحه على البخاري (17/ 80):
(والختان علامة لمن دخل فى الإسلام، فهي من شعائر المسلمين)
وعن أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ، عليه السَّلام، بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ». مُخَفَّفَةً.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، وَقَالَ: «بِالْقَدُّومِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مُشَدَّدٌ. وروى الحديث الأول بالتخفيف شعيب، عن أبى الزناد.
(1) /62 - وفيه: ابْن عَبَّاس، سُئل مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِى عليه الصلاة والسَّلام؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ، وَكَانُوا لا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ.
قال: ابن بطال في شرحه:
قال ابن القصار: الختان سنة عند مالك والكوفيين، وقال الشافعي: هى فرض، والدليل لقول مالك والكوفيين قوله عليه الصلاة السلام: «الفطرة خمس» فذكر الختان فى ذلك، والفطرة السنة، لأنه جعلها من جملة السنن فأضافها إليها، ولما أسلم سلمان لم يأمره النبي - عليه الصلاة والسلام - بالاختان، ولو كان فرضًا لم يترك أمره بذلك.
واحتج الشافعي بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} النحل (123) وكان فى ملته الاختان، لأنه ختن نفسه بالقدوم.
قيل له: أصل الملة الشريعة والتوحيد، وقد ثبت أن فى ملة إبراهيم فرائض وسننًا فأمر أن يتبع ماكان فرضًا ففرضًا، وما كان سنة فسنة، وهذا هو الاتباع، فيجوز أن يكون اختتان إبراهيم من السنن.
وقد روى عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «الاختتان سنة للرجال، ومكرمة للنساء» والختان علامة لمن دخل في الإسلام، فهي من شعائر المسلمين.
واختلفوا فى وقت الختان، فقال الليث: الختان للغلام مابين السبع سنين إلى العشر.
وقال مالك: عامة ما رأيت الختان ببلدنا إذا أثغر وقال مكحول: أن إبراهيم خليل الرحمن ختن ابنه إسحاق لسبعة أيام وختن ابنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة. (أخرجه البخارى (6299)
وللأمانة العلمية أن حديث أن الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء قد رواه الخلال بسند ضعيف َقَالَ الْحَافِظ فِي تَلْخِيص الْحَبِير: حَدِيث الْخِتَان سُنَّة فِي الرِّجَال مَكْرُمَة فِي النِّسَاء أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة عَنْ أَبِي الْمَلِيح بْن أُسَامَة عَنْ أَبِيهِ بِهِ، وَالْحَجَّاج مُدَلِّس، وَقَدْ اِضْطَرَبَ فِيهِ، فَتَارَة رَوَاهُ كَذَا، وَتَارَة رَوَاهُ بِزِيَادَةِ شَدَّاد بْن أَوْس بَعْد وَالِد أَبِي الْمَلِيح، أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَابْن أَبِي حَاتِم فِي الْعِلَل، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير، وَتَارَة
اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا،ثم قال: وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن، وَقَالَ فِي الْمَعْرِفَة: لَا يَصِحّ رَفْعُهُ
قلت ومعنى قوله مكرمة للنساء أنه مستحب كما قال صاحب الفواكه الدواني (8/ 186):
(وَالْخِفَاضُ) وَهُوَ قَطْعُ مَا عَلَى فَرْجِ الْأُنْثَى كَعُرْفِ الدِّيكِ (لِلنِّسَاءِ) وَحُكْمُهُ أَنَّهُ (مَكْرُمَةٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ كَرَامَةٌ بِمَعْنَى مُسْتَحَبٌّ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ السَّتْرُ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْفَاعِلَةِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا وَلِذَلِكَ لَا يُصْنَعُ لِلْخِفَاضِ طَعَامٌ، بِخِلَافِ الْخِتَانِ فَيَجُوزُ أَنْ يُشْهَرَ وَيُدْعَى إلَيْهِ النَّاسُ
وقد قال صاحب فيض القدير (3/ 370):
((الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء) أخذ بظاهره أبو حنيفة ومالك فقالا: هو سنة مطلقا وقال أحمد: واجب على الذكر سنة للأنثى وأوجبه الشافعي في الذكور والإناث وأول الخبر بأن
¥