تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها تثنيةٌ هما فردان وتتوهم العامة أنه جمع، وذلك (زوجان) وهما فردان، والعامة تقدر أن الزوج اثنان، قال الله عز وجل: {احمل فيها من كل زوجين اثنين}، فالرجل زوج المرأة والمرأة زوج الرجل؛ قال الله تعالى لآدم عليه السلام: {اسكن أنت وزوجك الجنة} وربما قيل للمرأة: زوجة بالهاء توكيدا للتأنيث ورَفْعا للَّبْس، كما قالوا: فرس للذكر والأنثى، وربما قالوا: فرسة.

ومنها لفظ (كلتا)، قال أهل الكوفة: إنه تثنية، وقال أهل البصرة هو واحد، وهو قولك: كلتا المرأتين قامت، قالوا: الواحد كلتا [كذا والصواب كلت] وقال أهل البصرة: أخطأوا لأنك تقول: كلتا المرأتين قامت، ولا تقول قامتا، وقال الله تعالى: {كلتا الجنتين آتت} ولأن الشاعر قال:

في كلتِ رجليها سلامى واحدة ......... كلتاهما قد قرنت بزائدة

وهذا الشاعر إنما اضطر فحذف الألف ولأنهم رأوه مع المكني [يعني الضمير] تصيرُ ألفُه ياءً، تقول: جاءتني كلتاهما، ورأيت كلتيهما، وهذا إنما هو مثل لَدَى وعَلَى وإِلَى، يكون مع الظاهر ألفا، ومع المكني ياء، نحو قولك: عليك ولديك وإليك

ومنها ما يفرق بين المذكر والمؤنث في الواحد ويستويان في التثنية، وهو قولك: هما قاما، ثم تقول: هي وهو، كذلك أنتِ وأنتَ، ثم تقول: أنتما لهما.

ومنها تثنية يكون لفظها والجمع سواء وذلك قولك: أنا ثم تقول: نحن للجمع والاثنين، وكذلك تقول: ضربتُ، ثم تقول: ضربنا ومرينا [كذا ولعل الصواب ضربنا أيضا] فيستوي الجمع والتثنية وكذلك يستوي المؤنث والمذكر في الأمر إذا ثنيته، فتقول: اضرب يا رجل واضربي يا امرأة، فإذا ثنيت تقول فيهما: اضربا.

ومن ذلك تثنية بلا جمع، وهو قولك: هذان بشران، ولا يجمع والواحد بشر، وقال الله تعالى: {أنؤمن لبشرين مثلنا}

ومنه ما يجمع وأنت تريد التثنية، وذلك إذا كان سِيَّان [رجح المحقق أنها (شيئان) ولكن يظهر لي أن ما هنا صواب] من شيئين أو ما في البدن من جارحة واحدة: ضربتُ رأسَ زيد، وضربتُ رُءُوسَ الزيدين، وبقرتُ بطنَه وبُطُونهما، ولا تقل بطنيهما، وقال الله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} ولم يقل قلباكما، وربما ثناه الشاعر كما قال:

فتخالسا نَفْسَيْهما بنوافذ ......... كنوافذ العُبُط التي لا ترقع

ونحو قوله:

هما نفثا في في من فَمَوَيْهما ......... على النابح العاوي أشد رجام

وأحسبه ذهب بالفموين إلى الشفتين، كما قالوا: مات حتف أَنْفَيْهِ، ذهب إلى المنخرين، فإن أضفت ذلك إلى واحد ثم ثنيته جاز أن تقول: أخذت خَاتَمَيْه، وما جعل الله لرجل رأسين، ولا تقول: رُءُوسًا هنا؛ لأنك أضفته إلى واحد، وقال الله تعالى: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}.

ومنها ما ثني وهو جمع، تقول: مر بنا إِبِلانِ أسودان وغَنَمانِ، وقال الله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} ولم يقل: كُنَّ، وهي سبع سماوات وسبع أرضين.

ومنها ما يثنى وهو واحد، تقول: يا غلام اضربَا زيدا، ويا زيدُ اسفعَا بيده، ويا حَرَسِيّ اضربَا عنقَه.

ومنها ما يؤكَّد ولم يخافوا لبسا، وهو قولهم: مررت برجلين كليهما، وقال الله تعالى: {لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد}

ومنها ما لفظه كلفظ التثنية، واختلف النحويون فيه، وذلك قولهم: لَبَّيك، وحَنانَيْك وحَوالَيْك، كذا بين ظهرانَيْهم وظهرَيْهم، فمن زعم أنه مثنى قال: أنا مقيم مُلِبٌّ إلبابا وإجابةً بعد إجابة، وسعديك إسعادا بعد إسعاد، ومن زعم أنه غير مثنى قال: إنما هو لَبَّبْك فاستثقلوا ثلاث باءات فقلبوا آخرهن ياء.

ومنها ما تُحذف الياء منه في التثنية لطول الاسم، فيقال في تثنية قَرْقَرَى: قَرْقَرَان.

ومنها ما يَجْمع لفظين مختلفين فيُجعلان على لفظ واحد نحو قولهم: سُنَّة العمرين، يريدون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، والخُبَيْبان يريدون أبا خبيب ومصعبا أخاه، وكذلك الزَّهْدَمان، يريدون زَهْدما وكَرْدما أخاه، والقمران الشمس والقمر، وهو كثير وقد أفردنا له كتابا [نعم وقد أفرده جمع من العلماء]، ويقال للأم والأب: الأبوان، وكذلك الأب والخالة، قال الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {ورفع أبويه على العرش} يعني أباه وخالته؛ لأن أمه شراحيل كانت قد ماتت، وقولهم: شاور نفسَيْه أي إرادتيه أيفعل أم لا.

ومن التثنية ما يذكر واحدا والمراد اثنان، نحو قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} يريد الحر والبرد، فاجتزأ بأحدهما لأنه معلوم أن ما وقى الحر وقى البرد، وقال الشاعر:

وما أدري إذا يممتُ أرضا ......... أريدُ الخير أيهما يليني

يريد الخير والشر، وقد فسره بالبيت الذي بعده:

أألخير الذي أنا أبتغيه ......... أم الشر الذي هو يبتغيني

أي لا يألو جهدا في طلبي.

ومن التثنية ما يذكر اثنين ثم يعود الضمير إلى أربعة أوجه: إما عليهما، وإما على الأهم، وإما على الأقرب، وإما على الأشرف؛ فأما ما عاد عليهما فقوله عز وجل: {قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما}، وعلى الأهم قوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها}؛ لأن التجارة كانت أحب إليهم، وعلى الأقرب قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة}، وعلى الأشرف قوله جل اسمه {والله ورسوله أحق أن يرضوه}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير