وقوله (وكِلْمةٌ بها كلام قد يُؤَم) أي: تطلق الكلمة، ويقصد بها الكلام. . والتقليل في قوله: (قد يُؤَم) مراد به التقليل النسبي أي: استعمال (الكلمة) في الجمل قليل بالنسبة إلى استعمالها في المفرد لا قليل في نفسه، فإنه كثير. وقوله (وكِلْمة) بكسر الكاف هي إحدى اللغات الثلاث فيها. وقوله: (ثم حرف. .) "ثم" بمعنى واو العطف، إذ لا معنى للتراخي بين أقسام الكلمة. ويكفي في انحطاط درجة الحرف عن قسيميه تأخيره عنهما.
10) بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ وَمُسْنَدٍ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
لما ذكر أنواع الكلمة وهي: الاسم والفعل والحرف شرع في ذكر علاماتها. فذكر في البيت خمس علامات، يتميز بها الاسم عن الفعل والحرف؛ إذا وجدت واحدة منها كانت دليلاً على أن الكلمة (اسم) وقد تعددت هذه العلامات، لأن الأسماء متعددة الأنواع. فقد تصلح العلامة لاسم ولا تصلح لآخر.
الأولى: الجر. وليس المراد به حرف الجر، لأنه قد يدخل في اللفظ على ما ليس باسم كقولك: أشرت إليه بأن قم. بل المراد كون الكلمة مجرورة نحو: صليت في المسجد الواسع. قال تعالى: ?بسم الله الرحمن الرحيم? ().
الثانية: التنوين (): وهو نون ساكنة زائدة لغير توكيد، تلحق آخر الأسماء لفظاً لا خطاً ولا وقفاً، نحو: كتب محمدٌ واجباً بخط جميلٍ.
والتنوين أربعة أنواع:
1) تنوين التمكين (): وهو اللاحق لغالب الأسماء المعربة المنصرفة، نحو جاء خالدٌ مستبشراً، ومنه قوله تعالى: ?محمدٌ رسول الله?. وخرج بالأول: جمع المؤنث السالم نحو مسلمات. وبالثاني: الاسم المنقوص الممنوع من الصرف، نحو (جوارٍ) كما سيأتي إن شاء الله.
2) تنوين التنكير: وهو اللاحق لبعض الأسماء المبنية، فرقاً بين معرفتها ونكرتها، فما نوِّن منها كان نكرة، وما لم ينوَّن فهو معرفة، نحو: (صهٍ) إذا تكلم غيرك. فهذا اسم فعل أمر معناه: اسكت عن كل كلام. فإن أردت السكوت عن كلام معين قلت: (صهْ). بدون تنوين.
3) تنوين المقابلة: وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم ليكون في مقابلة النون في جمع المذكر السالم ()، نحو حضرت بناتٌ عاقلاتٌ، ومنه قوله تعالى: ?وعد الله المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار? ().
4) تنوين العوض: وهو ما كان عوضاً عن محذوف، وهو ثلاثة أنواع:
أ) عوض عن جملة: وهو الذي يلحق (إذ) المسبوقة بكلمة حين أو ساعة وما أشبههما، عوضاً عن جملة تكون بعدها، نحو: "قدم والدي وكنت حينئذ غائباً". أي: حين إذ قدم. قال تعالى:] ويومئذ يفرح المؤمنون [() أي: ويوم إذ غُلبت الروم يفرح المؤمنون. لأن (إذ) من الظروف الملازمة للإضافة إلى الجمل.
ب) عوض عن اسم: وهو اللاحق لـ (كل وبعض) عوضاً عما تضافان إليه، نحو: كلٌّ يسمع النصح، والمستفيد قليلٌ، ونحو: زملائي كثيرون، فدعوت بعضاً، وتركت بعضهم. قال تعالى:] كلٌ له قانتون [().
ج) عوض عن حرف: وهو اللاحق لاسم منقوص ممنوع من الصرف، نحو: الليالي مواضٍ بحوادثها، شرب الزرع من سواقٍ فياضة، ومنه قوله تعالى:] ومن فوقهم غواش [() والأصل: مواضيُ، وسواقيَ، وغواشيُ. فالتنوين عوض عن الياء المحذوفة، التي كانت العرب تحذفها (من فواعل وأشباهها) في حالتي الرفع والجر، فالكلمة مرفوعة بضمة مقدرة على الياء المحذوفة، ومجرورة بفتحة نيابة عن الكسرة فوق الياء المحذوفة.
العلامة الثالثة من علامات الاسم: دخول (أل) على الكلمة نحو: قدم المسافر.
العلامة الرابعة: النداء. وليس المراد به دخول حرف النداء، لأنه قد يدخل في اللفظ على ما ليس باسم، كقوله تعالى:] يا ليت قومي يعلمون [() على أحد الإعرابين () وإنما المراد كون الكلمة مناداة، نحو: يا خالد أكرم أباك. قال تعالى:] يا إبراهيم (104) قد صدقت الرؤيا [().
العلامة الخامسة: الإسناد أي: إلى الاسم، وهو أن يُنسب إلى الكلمة حكم تحصل به الفائدة نفياً أو إثباتاً، نحو: صليت مع الجماعة. قال تعالى:] وألقيت عليك محبة مني [() فالتاء اسم، لأنه أسند إليه الصلاة في الأول. وإلقاء المحبة في الثاني، ونحو قولك: المؤمن لن يتأخر عن فعل الخير. فيه إسناد عدم التأخر إلى المؤمن، وهذه العلامة من أنفع العلامات، وبها يستدل على اسمية الضمائر، إذ لا يوجد لها علامة سواها. وهذا معنى قوله: (بالجر والتنوين. . . إلخ) أي: حصل تمييز للاسم عن غيره بالجر والتنوين والنداء وأل. (ومسند للاسم) أي: إسناد إلى الاسم. فهو اسم مفعول أريد به المصدر، وظاهر كلامه أن التنوين كله من خواص الاسم، وليس كذلك، بل المختص به الأربعة المذكورة ().
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 06:37 م]ـ
الخميس.
> 17/ 06/2010.