(يَرِدُ السُّؤالُ هُنا: كَيْفَ يكُونُ طالبُ العِلْمِ نَحْوِيًّا؟
ما هِيَ كيفِيَّة دراسةِ النَّحْوِ وعُلُومِ اللُّغةِ العربِيَّةِ الباقيةِ؟؛ هذَا لا بُدَّ مِنْ تعيِينِه ابْتِداءً، كيفَ يَدرُسُ طالبُ العلْمِ النَّحْوَ؟:
لا شَكَّ أنَّ النَّحْوَ مِنْ أَصْعبِ الفُنُونِ!؛ ولذلِكَ يُرَجَّحُ عندَ كثيرٍ مِنْ أَهلِ العِلْمِ أنَّ مِثلَ علمِ النَّحْوِ وأُصُولِ الفِقْهِ ينبغي أنْ يُفْرِدَهُ طالبُ العلْمِ دراسةً مُسْتَقِلَّةً، بِمعْنَى: أنَّه يتفرَّغُ لمَتْنٍ ما ولا يقرأُ إِلَّا إيَّاهُ، فقطْ! لا يقرأُ إِلَّا هذَا المتنَ؛ لماذَا؟: لأنَّ أَيَّ مَتْنٍ يُقْرأُ ـ وهذِه قاعدةٌ عامَّةٌ مَنهَجِيَّةٌ ـ أيَّ مَتنٍ يُقْرأُ لا بُدَّ أَنْ يعتَنيَ طالبُ العلْمِ بأنْ يكُونَ هذَا المتنُ مَحفُوظًا؛ ولذلكَ (لا يُدرسُ إِلَّا ما يُحْفَظُ) هذَا هُو الأَصْلُ.
أوَّلًا: حِفْظُه.
ثانِيًا: فهْمُ مُرادِ المصنِّفِ مِنهُ.
ثالِثًا ـ وهذَا خاصٌّ بِالنَّحْوِ ويُلْحَقُ بِه أُصُولُ الفِقْه ـ: التَّطبيقُ العَمَلِيُّ؛ بأنْ يأخُذَ طالبُ العِلْمِ إِذَا درَسَ نِصْفَ الكِتابِ مَثَلًا، وعرَفَ تَمْيِيزَ الفِعْلِ مِنَ الاسْمِ مِنَ الحرْفِ يأتي يُطَبِّق: يأخُذُ خاصَّةً ـ وهذِه طريقةُ الشَّناقِطةِ والإِثْيُوبِيِّينَ وغيرِهمْ ـ أنَّهُ يأتي إِلَى الكتابِ نَفْسِه فيدْرُسُه فِقْهًا، يَعْني: يتفقَّهُ في مَعانِيه، ويُعْرِبُه إِعْرابًا.
وهذِه سُنَّةٌ عندَ أَهْلِ العِلْمِ؛ ولذلِكَ تَجِدُ (تَمرينَ الطُّلَّابِ) لِـ (خالدٍ الأَزْهريِّ)، وتَجِدُ (الخريدةَ البَهِيَّةَ في إِعرابِ الآجرُومِيَّةِ).
وتَجِدُ أَهلَ العِلْمِ يَعْتَنُونَ بـ (إعْرابِ الشَّواهِدِ): شَواهِدُ (ابْنِ عَقِيلٍ) كَمْ مِنْ مُعْرِبٍ لَها!، شَواهِدُ (ابْنِ هِشَامٍ) كمْ مِنْ مُعْرِبٍ لَها! ... إلى آخِرِه؛ لماذَا؟:
لأَنَّ طالبَ العِلْمِ يتَمرَّنُ ويتمرَّسُ علَى هذِه.
والعِلْمُ صَعْبٌ، كُلُّه صَعْبٌ، والنَّحْوُ مِنْ أَصْعبِ الفُنُونِ.
فلذلِكَ يأتي: (قالَ عُبَيْدُ رَبِّه)، (قالَ محمَّدٌ)، (قالَ ابْنُ آبَّه)؛ يأتي يُطبِّق:
(قالَ) هذِه اسْمٌ أَمْ فِعْلٌ أَمْ حَرْفٌ؟ ماذَا درَسْتَ أنتَ؟ كَيْفَ تُمَيِّزُ بَيْنَ الفِعْلِ والحرْفِ والاسْمِ؟؛ تُطَبِّق علَى: (قالَ)، (ابْنُ)، (آبَّه)، (واسْمُه) الواوُ هذِه اسْمٌ أَمْ فِعْلٌ أَمْ حَرفٌ؟.
لابُدَّ أنْ تأتيَ بِالدَّليلِ، وإِذَا مرَّ طالبُ العِلْمِ علَى جُلِّ الكِتابِ حينَئِذٍ يأتي بِالدَّليلِ بِنَصِّ الكِتابِ؛ فيقُولُ مَثَلًا: هذَا خبرٌ مٌؤَخَّرٌ، ما الدَّليلُ؟:
والأَصْلُ في الأَخْبارِ أَنْ تُؤَخَّرَا ......................................
هكذَا يجْعلُونَ الأَلْفِيَّةَ دليلًا يُسْتَدَلُّ بِه.
وكذلِكَ في مِثْلِ هذِه المنظُومةِ (نظمَ الآجروميَّةِ لابْنِ آبَّه)؛ تَحفَظُ وتأتي إِلَى الفاعِلِ وترفَعُه؛ لماذَا رفَعْتَ الفاعِلَ؟: تَقُولُ:
الفاعلَ ارْفَعْ .................................................. ........
وتَقِفُ، فقطْ، لا تأتي بِالبَيْتٍ كامِلًا، لماذَا؟: لتُمرِّسَ نَفْسَكَ وتُمرِّسَ الذِّهْنَ علَى الإِتْيانِ بِالشَّاهِدِ فقَطْ.
إِذَنْ؛ لا بُدَّ مِنَ الحفْظِ، ولا عِلْمَ إِلَّا بِحِفْظٍ، لا بُدَّ مِن اسْتِيعابِ مُرادِ صَاحبِ النَّثْرِ أَوْ صَاحبِ النَّظْمِ.
ثُمَّ في النَّحْوِ علَى جِهةِ الخُصُوصِ لا بُدَّ مِنَ التَّطبيقِ العَمَلِيِّ، والتَّطبيقُ العَملِيُّ خَيْرُ ما يَعْتَمِدُه طالبُ العِلْمِ: الكتابُ الَّذي يَحْفَظُه؛ تأتي لِنفْسِ الكتابِ الَّذي تَحْفَظُه وتُعْرِبُه إِعْرابًا تامًّا، كلَّ ما درسْتَه ترْجِعُ مِنَ الأَوَّلِ وتُعْرِبُه؛ حينئِذٍ يَسْهلُ علَيْكَ النَّحْوُ.
أَمَّا إِذَا أَخذَ أَمْثِلَةً: (جاءَ زَيْدٌ) يُعْرِبُ (جاءَ زَيْدٌ)، وإِذَا قالَ: مِثالٌ آخرُ؛ قالَ: (جاءَ عَمْرٌو) غيَّر، لا إِشْكالَ، لا شَيْءَ جَدِيد! فالأَسْماءُ تُغَيَّرُ والتَّرْكيبُ واحِدٌ، لكنْ إِذَا درَسَ النَّظْمَ عرَفَ ماذَا؟: عرفَ التَّراكيبَ المتغايِرَةَ.
وخاصَّةً المنظُوماتُ فيها مِنَ الإِشْكالاتِ الكبيرةِ ما لا يُوجَدُ في النَّثْرِ؛ فحينَئِذٍ يَتعلَّمُ طالبُ العِلْمِ ويَسْتَفيدُ منَ الَّذي يَحْفَظُه) اهـ.
فَمَنْ يُعْرِبُ هذَا المقْطعَ؟!
الرَّابطُ الصَّوتيُّ المباشرُ مِن مَوقِعِ الشَّيْخِ ( http://www.alhazmy.net/save_********aspx?file_no=783&article_no=912&file_read_count=1779&folder_name=sound_files)))
وأنبه على خطأ في التفريغ, وهو زيادة (هاء) في اسم أبي ناظم الآجرومية (محمد بن آبَّ) وهذا خطأ فيما يظهر لي؛ فاقتضى التنويه ..
المصدر: شبكة الآجري ( http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=7833)