تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الجندى المغربى فى أشعار الحرب الأهلية الإسبانية]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[01 - 03 - 09, 12:11 ص]ـ

الجندى المغربى فى أشعارالحرب الأهلية الإسبانية

منذ انتهاء الصراع السياسى فى شبه جزيرة إيبريا لصالح الطرف المسيحى لم يتوقف الجدل حول تقييم الدور الذى لعبته الحضارة العربية الإسلامية كأحد مكونات الثقافة الإسبانية. سأترك الآن جانبا تلك المواجهة التى حدثت فى أواخر القرن السادس عشر بين مؤيدى طرد الموريسكيين وأولك الذين مالوا إلى استيعابهم داخل المجتمع المسيحى، ذلك لأن خلفيات المعركة كانت المصالح الخاصة لهذا الطرف أو ذاك: رجال الدين كانوا يسعون إلى تحقيق الوحدة الدينية الكاثوليكية فى البلاد وكانوا يذهبون أحيانا إلى حد إعاقة أى مجهود يبذل لاجتذاب المسلمين، و المواطن العادى كان يرى فى الموريسكى منافسا صعبا فى نواحى الصناعة والتجارة. على الجانب الآخر كان الإقطاعيون الإسبان يفعلون كل ما بوسعهم من أجل الإبقاء على المسلمين فى إسبانيا، وتستر كثير منهم على من يمارس الشعائر الإسلامية المحظورة قانونا، بل ووصل بعضهم إلى حد تشييد مسجد إرضاء للمسلمين.

يبدأ الجدل الفكرى الذى أعنيه فى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، حينما بدأ ما يمكن أن نطلق عليه "الاستعراب العلمى" فى إسبانيا، أى دراسة الحضارة العربية الإسلامية دراسة منهجية لبيان ما أضافته إلى إسبانيا من جوانب إيجابية أو ما سببته من نواحى سلبية.

كان هناك فريقان: أحدهما يرى أن الوجود الإسلامى فى إسبانيا كان فاتحة خير على البلاد، فقد ازدهرت قرطبة وإشبيليه وغيرهما حين كانت بقية بلدان أوربا تعيش فى ظلام العصور الوسطى. يقول أنصار هذا الفريق إن إسبانيا لو واصلت الطريق لكان لها شأن آخر بين الأمم. أما أنصار الفريق الثانى فلا يرون فى الوجود الإسلامى إلا أثارا سلبية، وينسبون إلى المسلمين تخلف إسبانيا عن بقية الدول الأوربية. هذا الجدل الفكرى بدأ ولم ينته إلى اليوم. نعم إلى اليوم، فقد نشر أحدهم منذ سنوات قلائل كتابا ينفى فيه أى أثر إيجابى للحضارة العربية الإسلامية. ولعلنا نذكر تلك المعركة الشهيرة التى دارت رحاها بين كل من أميريكو كاسترو وسانشيث ألبورنوث حول الواقع التاريخى لإسبانيا.

منذ أن بدأ الجدل وحتى هذه اللحظة كانت هناك خصائص حددت ملامح المتجادلين بشكل عام: كان المحافظون هم الذين ينفون أى أثر إيجابى للحضارة الإسلامية، وكان أصحاب الفكر التقدمى المتحرر هم الذين يعترفون بإسهام تلك الحضارة وفضلها على إسبانيا.

الاستثناء الوحيد كان أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، فقد شارك العرب فى صفوف الجمهوريين والمتمردين على السواء، وكانت لتلك المشاركة آثار لا تزال قائمة إلى اليوم.

ولكى يكون حديثنا عن هذه النقطة أكثر وضوحا علينا أن نعود إلى بدايات القرن العشرين حين كانت الدول العربية جميعا ترزح تحت الاحتلال الأجنبى وكانت حركات التحرر العربية فى أوج قوتها. فى ذلك الوقت كان العالم ينقسم إلى قسمين: دول استعمارية وشعوب تسعى إلى التحرر، وكان من الشائع آنذاك أن يناصر الثوار فى مكان ما ثوارا فى مكان آخر. هذا ما يفسر لنا انضمام متطوعين عرب إلى جانب قوات الجمهورية الإسبانية ضد الجنرالات الذين أرادوا تقويض سلطتها والقضاء على المكاسب التى حققتها الطبقات الفقيرة تحت الحكم الجمهورى.

وطبقا للوثائق المتوافرة فقد شارك متطوعون عرب من فلسطين والجزائر والمغرب وتونس إلى جانب قوات الجمهورية، لكن الوثاق الإسبانية لا تكاد تشير إلى تلك المشاركة وذلك لعدة أسباب منها:

1 - قلة عدد المتطوعين العرب مقارنة بأعداد المتطوعين من جنسيات أخرى

2 - كانت الدول العربية فى ذلك الوقت خاضعة للاحتلال، ومن ثم فقد كان المتطوع العربى يدرج اسمه فى خانة الدولة التى تحتل بلاده. وقد اهتمت الدول الاستعمارية المشاركة فى حرب إسبانيا ببطولات أبنائها فقط، ولم تكن الدول العربية فى وضع يسمح لها بفعل الشيء نفسهمع المتطوعين من أبنائها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير