تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المستعرب مكيل دي إيبالثا Mikel de Epalza

ـ[هشام زليم]ــــــــ[28 - 06 - 09, 12:04 ص]ـ

المستعرب مكيل دي إيبالثا Mikel de Epalza

بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.

دأبت إسبانيا على إنجاب مستعربين و متخصصين في التاريخ الأندلسي و الإسلامي حاولوا فهم الخصوصية الإسلامية و أبعادها و دراستها لعلّهم يخرجون باستنتاجات تمكنهم من فهم ما حصل أثناء الفتح الإسلامي و تحليل أحداث الألفية التي عاشها الإسلام بالأندلس منيرا ظلمات أوربا و كشف حقيقة ما حصل للأمة المسلمة التي استحالت لطائفة مورسكية تُظهِر عقيدة و تضمر أخرى, و لعلّهم أيضا يعثروا على نصفهم الآخر الذي ضحوا به لأجل الحفاظ على الكاثوليكية. بداية القرن العشرين شهدت وجود اثنين من كبار المستعربين هما: مكيل أثين بلاثيوث Miguel Asin Palacios و خوان ربيرا Juan Ribera, و في نهاية سنة 2008 غادر هذا العالم مستعرب آخر اهتمّ بتأريخ فترة ما بعد سقوط غرناطة و أماط اللثام عن عدة جوانب كانت مخفية من حياة المورسكيين سواء بإسبانيا أو مناطق هجرتهم, خاصة بتونس, كما قام بترجمة معاني القرآن إلى اللغة القطلونية, و عبّر عن وجهة نظر المورسكيين فيما يخص نظرتهم إلى عيسى عليه السلام و العقيدة النصرانية عموما, وكان يحب أن يقارن بشخصية نصرانية أسلمت في وقت سيطرة النصرانية على جزء كبير من الأندلس. فمن هو إذن هذا المستعرب؟

يقول الباحث الإسباني فرناندو بيرميخو Fernando Bermerjo عنه:: "لمّا أتيحت لي الفرصة, منذ سنوات, للتحدث (بجامعة) السوربون حول التقدم الذي شهده في العقود الأخيرة مجال علوم الديانات بإسبانيا, قمت قبل السفر لباريس بالاتصال بعدة مختصين أسبان ليفيدوني بآخر مساهماتهم. أكثر الردود التي توصلت بها سخاء كانت من عند مكيل دي إيبالثا M?kel de Epalza الأستاذ بشعبة الدراسات العربية و الإسلامية بجامعة لقنت Alicante, فدون أن أطلب منه ذلك, لم يكتف فقط بتزويدي بمقتطفات من أعماله, بل أهداني أيضا ترجمته الحديثة للقرآن إلى اللغة القطلانية ... " (1)

ينحدر المستعرب مكيل دي إيبالثا فيرير M?kel de Epalza Ferrer من عائلة بشكنسية ( Vasca), ولد بمدينة بو Pau ( بفرنسا) سنة 1938 – و عاش هناك حتى سن العاشرة – ثم تكوّن بقطلونية و اشتغل أستاذا بالديار البلنسية من سنة 1979 إلى 2007, و لمّا تقاعد – بعد مرور من جامعات وهران, الجزائر و تونس و جامعات إسبانية أخرى – توفي في دجنبر 2008م.

يعتبر إيبالثا أحد أكبر المستعربين بإسبانيا خلال القرن العشرين, فهو شخصية مختصة في دراسة الإسلام و من كبار الباحثين في تاريخ المدجنين و المورسكيين (انظر كتابه المورسكيون قبل و بعد الطرد, مدريد 1992). كما ساهم أيضا في نسج روابط علمية و أكاديمية بين العالم الإسلامي و إسبانيا, وشكل مرجعا في دراسة العلاقات الإسبانية-الجزائرية منذ القرون الوسطى إلى اليوم.

الترجمة التي قدّمها إيبالثا للقرآن بالقطلانية, بمساعدة اللغوي خوسيب فوركاديل Josep V. Forcadell و أستاذ الترجمة خوان بيروخو Joan M. Perujo نشرت بمطبعة Proa سنة 2001, و حازت على عدة جوائز تقديرية, كالجائزة الوطنية للترجمة بإسبانيا سنة 2002. أهمية هذه الترجمة للمائة و أربعة عشر سورة في القرآن (6236 أية) تتمثل في جودتها الأدبية و محاولة المترجم تقريب المعنى للمتحدثين بالقطلانية مستغلا معرفته بالدين الإسلامي و لغة القرآن العربية و خبايا اللغة القطلانية, إضافة لإعجابه و تقديره لحضارة المسلمين, و هذا شيء لابد منه لترجمة معاني القرآن إلى أي لغة أخرى, فالمترجم لو كان له حقد على الإسلام فسينعكس ذلك على ترجمته التي لن تكون وفية إلى أبعد الحدود, و هذا ما حاول إيبالثا إيصاله بقوله أن الترجمة بعلم صحيح و تقدير ل"الآخر المخالف" هي الوسيلة الفعالة لهدم الأفكار المسبقة. هذه الأفكار التي ليست دائما في صالح الإسلام, خصوصا بأوربا و إسبانيا بالتحديد حيث عملت الآلة الدينية و الأدبية و الإعلامية على تشويه صورة الإسلام عبر قرون طويلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير