تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كتاب"الحروب الأهلية فى غرناطة"،ترجمة مروة إبراهيم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 06 - 09, 01:38 ص]ـ

مقدمة "الحروب الأهلية فى غرناطة" لبيريث دى إيتا

كنت من أوائل الذين قرأوا رواية "المخطوطات الحمراء"، فقد أهدانى إياها فور صدورها صديق إسباني يعلم مدى إعجابى بأنطونيو غالا أديبا ومحاضرا.

قرأت الرواية فى فترة خاصة من حياتي، ولما كانت "عين الصب عن كل عيب كليلة"، فقد غفرت للمؤلف بعض تجاوزات لم أشعر – ولا أشعر حتى الآن- أنها تؤثر فى رواية الأحداث التاريخية.

وقد حملنى إعجابى بدقة الرواية فى رصد الأحداث إلى طرح الموضوع مع كل من استطعت. وكان أن زارنا فى مصر مؤرخ إسبانى، فرأيت أن أطرح الموضوع للنقاش. ما لم أكن أتوقعه بالمرة هو أن المؤرخ صب جام غضبه على أنطونيو غالا وعلى كل أديب يجعل من نفسه مؤرخا، وقال فى حدة: "الأدب أدب، والتأريخ تأريخ، وعلى كل إنسان أن يختار"

ظننتها مبالغات من المؤرخ الزائر، واسترحت أن شغلنا بالحديث فى موضوعات أخرى. حدث ذلك منذ سبعة عشر عاما.

تذكرت أنطونيو غالا والمؤرخ الإسبانى كثيرا عندما قرأت كتاب "الحروب الأهلية فى غرناطة" الذى نقدم له الآن.

العلاقة بين التاريخ والأدب لا يمكن أن تنقطع، فهناك الرواية التاريخية، وهناك التاريخ الذى يروى بشكل قصصى يجعل قراءته أكثر متعة ولا يخالف الحقيقة. يبدو كل ذلك من المسلمات، فأين موقع "الحروب الأهلية فى غرناطة" بين التاريخ والأدب

رواية تاريخية؟:

هناك علاقة وثيقة بين التاريخ والإبداع الأدبى فى الرواية التاريخية. ومن المعلوم أن الرواية التاريخية تتكون من جزأين: جزء يروى أحداثا تاريخية وقعت بالفعل ويقدم شخصيات حقيقية، وجزء ثان يسرد أحداثا ويقدم شخصيات من إبداع المؤلف. ويتعين على مؤلف هذا النوع من الروايات أن يراعى الدقة عند عرضه للأحداث التى وقعت بالفعل، وكذلك عند تعرضه للشخصيات الحقيقية. وله أن يطلق لخياله العنان فى الجانب الإبداعى من شخصيات وأحداث. على ضوء هذا التوضيح نطرح تساؤلا: هل "الحروب الأهلية فى غرناطة" رواية تاريخية؟ نستطيع أن نؤكد أنها ليست كذلك، فقد تخلى المؤلف عن الدقة مما أدى إلى خلط الوقائع التاريخية، ونسب إلى شخصيات معينة ما فعلته شخصيات أخرى. إن بيريث دى إيتا يخلط بين ملكين تولى كل منهما عرش غرناطة، يجمع بينهما أن كلا منهما يدعى أبو عبد الله، وكلا منهما يلقب بالصغير. الملك الأول هو الذى اتهم أحد الفرسان بمغازلة زوجته –فهيمة-، لكن المؤلف ينسب القصة إلى زوجة أبى عبد الله الصغير –آخر ملوك غرناطة المسلمين- التى لا نعرف لها اسما. صحيح أن الرواية التاريخية بالمعنى الذى أشرنا إليه لم تكن قد ولدت بعد، لكننا وجدنا من بين النقاد الإسبان من يتحدث عن "الحروب الأهلية فى غرناطة" على أنها رواية تاريخية فآثرنا أن نورد هذا التوضيح.

أجزاء الكتاب

يقع الكتاب فى جزأين، وقد انتهت بالفعل ترجمة الجزء الثانى، ونتمنى أن ترى النور قريبا. الجزء الثانى من الكتاب يتناول ثورة البشرات التى شارك بيريث دى إيتا نفسه فى إخمادها. لكن هناك من يتحدث عن جزء ثالث، فهناك وثيقة تعود الى عام 1604 تتحدث عن ثلاثة أجزاء من "الحروب الاهليه في غرناطة ". لاندرى ما الذي يمكن أن يتضمنه الجزء الثالث، ويبدو أن نجاح هذا الكتاب قد شجع بيريث دي إيتا على تأليف كتاب آخر غير معروف اليوم، ربما كان يشكل الجزء الأول من ثلاثية حول تاريخ غرناطة.

شخصية المؤلف:

قيل إن بيريث دى إيتا موريسكى، واستند من يتبنى هذا الرأى إلى أن المؤلف من مولا، وهى القرية التى ظل الموريسكيون يقيمون فيها إلى ما بعد الطرد، وإلى أن المؤلف اسمه خينيس، على اسم ولى مسلم زعموا أنه يمت بصلة قرابة إلى النبى (ص) (علينا أن ننبه إلى أن إيتا كتب روايته قبل الطرد، وإن روحها تبتعد كثيرا عن تمسك الموريسكى بهويته الإسلامية) لكن الثابت بالفعل هو أن بيريث دى إيتا كان إسكافيا ومن ورشته كانت تخرج عربات تحمل كل أنواع الزينات والاختراعات لاحتفال المدينة بالأعياد المختلفة. من الثابت كذلك تأثر الاسكافى بيريث دى إيتا والحرفيين أمثاله بالفن الموريسكى. لعل هذا يفسر لنا الوصف الدقيق للملابس الموريسكية ولاحتفالات أهل غرناطة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير