تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["القضية الموريسكية من وجهة نظر أخرى" عرض كتاب مترجم]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[05 - 05 - 09, 02:33 ص]ـ

كتاب "القضية الموريسكية من وجهة نظر أخرى" تأليف ماركيث بيانويبا، ترجمة عائشة سويلم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2005

مقدمة المراجع

كنت فى مهمة عمل فى إسبانيا حين وقعت أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ اللحظة الأولى للحدث أخذت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة –التى صدرت صباح اليوم التالى- تكيل الاتهامات للمسلمين والعرب، وتصفهم بالإرهابيين والمجرمين. أصدرت وسائل الإعلام الإسبانية حكمها بالإدانة دون أن تتروى، ولم تفرق بين مسلم اتبع تعاليم دينه ولم يقتل المدنيين، وبين مسلم ضاق ذرعا بالظلم الواقع على بلاده وقرر الانتقام. المهم أن الجو العام فى إسبانيا كان معاديا لكل ما هو عربى ولكل ما هم مسلم. فجأة –وفى اليوم الرابع تقريبا- خرج علينا كاتب يسبح ضد التيار ويدعو قومه إلى التريث وإلى عدم إصدار الحكم إلا بعد التأكد من هوية الجانى ......... كان هذا الكاتب هو خوان غويتيسولو وكان –بشكل عام- يقدم "وجهة النظر الأخرى". وللحق نقول إنها لم تكن المرة الأولى التى يدافع فيها غويتيسولو عن حق عربى، فقد كتب عدة مقالات وضع فيها الأمر فى نصابه حين رأى إجحافا تتعرض له ثقافتنا.

لهذا كان أمرا طبيعيا أن يكون غويتيسولو نفسه هو الذى يكتب مقدمة هذا الكتاب الذى بين أيدينا الآن. والذى يعرض "القضية الموريسكية من وجهة نظر أخرى".

الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات كتبها المؤلف فى مناسبات مختلفة، وعندما جمعها فى كتاب لم يشأ أن يصحح سوى الأخطاء المطبعية. لذلك سيجد القارئ فكرة ما معروضة فى أكثر من مكان.

ندخل الآن فى صميم موضوع الكتاب فنقول إن المؤلف يريد ببساطة أن يتحدث الموريسكيون (1) عن أنفسهم بعد أن تحدثت عنهم السلطات الرسمية المسيحية بحق وبدون حق. يريد كذلك أن يعرض مواقف أهمل المؤرخون الإسبان عرضها من باب التحيز. يريد –فى النهاية- أن يقدم قراءة أخرى لبعض الوثائق الإسبانية القديمة.

كان رأينا دائما أن الموريسكيين لا يقل حقهم فى وطنهم الإسبانى عن مواطنيهم من المسيحيين، ومن ثمفنحن نفسر ما حدث فى القرن السادس عشر علىأنه حرب أهلية بين أبناء وطن واحد. ومن مدعاة ابتهاجنا أن نرى من المفكرين الإسبان من يتحدث اللغة نفسها ويقر بحق المسلم الإسبانى فى وطنه ويعترف بأن طرد الموريسكيين كان عملا منافيا للعدل وأن رجال السياسة الإسبان آنذاك قد جانبهم الصواب حين قرروا أن تكون للوطن الإسبانى عقيدة واحدة هى الكاثوليكية وطردوا المسلمين واليهود. ويشير الكتاب إلى أن بدرو دى فالنسيا فى أوائل القرن السابع عشر نادى بفكرة حق المسلمين فى الإقامة فى وطنهم الإسبانى.

لقد تعرض الموريسكيون للظلم فى حياتهم وحتى بعد مماتهم، والكتاب الذى نقدم له يعرض جوانب هذا الظلم ويقوم بعملية قراءة جديدة للوثائق الإسبانية التى تتعلق بهذا الموضوع.

تاريخ الموريسكيين يمكن أن نتعرف عليه من خلال ما كتبه الموريسكيون أنفسهم وما كتبه المؤرخون عنهم. وكانت كتابات المؤرخين الإسبان تتراوح بين التأييد والمعارضة، لكن الدراسات التى عارضت طرد الموريسكيين قد اختفت أو أخفيت. المهم أنها لم تصلنا ولا نعلم بوجودها إلا من خلال الحديث عنها فى كتب أخرى، فكل ما وصلنا منها عبارة عن إشارات إليها وبعض ملخصات لها.

يتناول بيانويبا مشكلة تحول دون تقديم المشكلة الموريسكية بشكل موضوعى, وهى اعتماد الدراسات التأريخية على المصادر الرسمية دون غيرها (مجلس الدولة ومذكرات البطريرك وآراء مؤيدى الطرد)،والمصادر الرسمية تلوثت لأنها عملت على تفسير ما حدث، لا على رواية موضوعية للأحداث. لم يكن هدف الدراسات "التأريخية"هو تحرى الموضوعية، بل التأثير على الرأى العام الإسبانى وإقناعه بقرار الطرد

من ناحية أخرى كان معظم المؤلفين من رجال الدين المسيحى، ممن جبلوا على اعتلاء المنابروعلى المجابهات الجدلية. كانت تلك الدراسات تلخص قضية الموريسكيين على أنهم أشخاص عرضت عليهم المسيحية فلم يقبلوها رغم صبر السلطات الكنسية، وأنهم خونة للوطن وأن البلاد سيعمّها الخير الوفير فى حالة طردهم منها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير