تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي السليمانية ـ فضلاً عن المخطوطات ـ هناك دورات تعليمية للخط العربي وفن التذهيب والمنمنمات، يقوم بالتدريس فيها المتخصصون في الفنون وتاريخها الإسلامي، ونضرب مثالاً على هذا أنْ استمر الدكتور الفنان علي ألب أصلان في تدريس دورات متتالية للخط العربي لمدة ست أو سبع سنوات، علاوة على قيام الفنان فؤاد باشا بتدريس فن الأوبرو.

وعلى ذكر الخط العربي نقول إن الخط العربي يُعد واحدً من أهم إنجازات الحضارة الإسلامية في مجال الفنون الجميلة التي قدمتها البشرية. إذ تجلت فيها عبقرية الفنان المسلم، فاستطاع توظيفه في أبدع صورة على جدران المساجد والمدارس وعلى المشكاوات والأواني النحاسية والسجاد، وتشهد الآثار التي وصلت إلينا حاملة هذا الفن البديع، على ما وصل إليه من رقي وإبداع.

وقد عني الأتراك العثمانيون ـ خاصة ـ بفن الخط العربي عناية عظيمة، بعد أن انتقلت إليهم الخلافة الإسلامية، فتقدّم على أيديهم، وبلغ درجات عالية من الجمال، وكان الخلفاء العثمانيون يحتفون بالخطاطين. ويجزلون لهم العطاء، ويوفرون لهم كل أسباب الإبداع، وحسبك أن نعلم أن خطاط السلطان كان يتقاضى 400 ليرة عثمانية ذهباً في كل شهر. بل إن بعض الخلفاء العثمانيين كانوا من هواة الخط العربي والبارعين فيه، أمثال السلطان سليمان القانوني والسلطان محمد خان الثالث والسلطان مصطفى خان الثاني (1664 ـ 1704) والسلطان أحمد خان الثالث الذي كان بارعاً في فن الخط، وبخاصة النسخ والثلث والجليل، وقد كتب عدة مصاحف بخطه الجميل، أهدى منها مصحفين شريفين للروضة المطهرة، وتحتفظ دار الكتب المصرية بمجموعتين من خطه. ومنهم السلطان محمود الثاني (1785 ـ 1839) والسلطان عبد المجيد الأول (1723 ـ 1861) والسلطان عبد العزيز خان (1830 ـ 1876) والسلطان عبد الحميد الثاني (1842 ـ 1918) ويستطيع المرء أن يتأمل نماذج من خطوطهم التي كانوا يفتخرون بها افتخارهم بما كانوا يحفظون من كتاب الله.

وقدَّم الأتراك العثمانيون عدداً من أعظم الخطاطين، من أمثال:

حمد الله مصطفى الأماسي (833 ـ 926) هـ، وهو أول من نقل الخط العربي من العرب إلى الأتراك، وبهذا يُعَد المعلم الأول للخطاطين الأتراك عامة، ومنهم الخطاط التركي أحمد قره حصاري، المولود سنة 873 اشتهر بالجمع بين قواعد شيوخه الذين أخذ منهم، فاستنبط طريقة خطية خاصةً به، تجمع ما اختلف منه من الخصائص والطرق التي بدأ بها أولاً، وتميّز هذا الخطاط بخطه (الجلي)، وتشهد له آثاره الخطية بطول باعه، وعلو منزلته، تمثلها كتاباته في جامع السليمانية، وقد قال عنه الأتراك إنه يتبوأ المنزلة الخامسة بين الخطاطين الأقطاب في تركية.

ومنهم الخطاط عبد العزيز الرفاعي الذي استقدمه الملك فؤاد من تركية إلى مصر سنة (1340هـ ـ 1921م) فكتب له مصحفاً في ستة أشهر، وذهبه وزخرفه في ثمانية أشهر، فجاء آية من الآيات في مجال الخط، ودقة الزخرفة، وبديع النقش، وأصبح الشيخ عبد العزيز من بين المدرسين للمدرسة الخاصة التي افتتحها الملك فؤاد لتعليم الخط العربي (1341هـ ـ 1922م).

غير أن شيخ الخطاطين الأتراك المبدعين هو حامد آيتاش الآمدي (1891 ـ 1982) م آخر عباقرة الخط العربي في تركية، وقف حياته لكتابة المصحف الشريف. اسمه الحقيقي (موسى عزمي) ونُسب إلى آمد (قرية من قرى ديار بكر).كان جده خطاطاً، تعلم الخط الثلث على يد أحمد حلمي بك، كما تعلم الرقعة على يد وحيد أفندي، وهؤلاء الأساتذة من كبار الأساتذة الأتراك المتميزين بأنواع من الخطوط، وعمل خطاطاً في دار الطبعة، ثم تقدم للعمل في مطبعة المدرسة العسكرية، ونال إجازة امتحان الخطاطين، ولما عاد من ألمانيا تعلم (الجلي ثلث) من الحاج نظيف بك، وكتابة الطُّغَرَاء من إسماعيل حقي، وغيرهم من مشاهير الخطاطين في عصره.

ومن آثاره التي يمكن مشاهدتها في تركيا والعراق ومصر ما تركه من كتابات قرآنية في مسجد شيشلي، ومسجد أيوب، ومسجد باشباهشي، ومسجد حاجي كوشك في استانبول، ودانزلي، وشانا قلعة. كما كتب أربعين حديثاً نبوياً وكثيراً من كتب تعليم الخط، والآلاف من مختلف الكتابات الإسلامية والمدائح النبوية أو الأشعار العربية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير