أقول لعمروٍ يوم جُمدي نعامةٍ ..... بك اليوم بأسٌ لا عزاءٌ ولا صبرُ
هذا إن كان جرير أراد الموضع الذي في الحديث، وإلا فمراده أكمتا أو قارتا نعامة، فيكون وصفاً لا عَلَماً. فأمَّا الذي في الحديث فقد صحَّفه يزيد بن هارون، فجعل بعد الجيم نوناً. وصحَّفه بعضُ رُواة مسلم فقال: حُمران بالحاء والراء، وهو من منازل أسلم بين قُدَيد وعُسْفان. قال أبو بكر بن موسى: جُمْدانُ: جبلٌ بين ينبع والعِيص، على ليلة من المدينة. وقيل: جُمدان: وادٍ بين ثنية غزال وأمج. وأَمَج من أعراض المدينة.
وفي الحديث: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على جُمدان، فقال: " (سيروا، هذا جُمدان، سبق المُفَرِّدون".
وقال الأزهريُّ: قال أبو هريرة /283رضي الله عنه: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم في طريق مكة على جبلٍ يقال له: بُجدان. هكذا عنده بالباء، وغيرُه رواه كما تقدم.
قال ياقوت: وأنا لا أدري ما الجامع بين سبق المفردين ورؤية جمدان؟ ومعلومٌ أن الذاكرين كثيراً والذاكرات سابقون، وإن لم ير جمدان، ولم أر أحداً ممن فسر الحديث ذكر في ذلك شيئاً.
قال مؤلِّفه الملتجئُ إلى حرم الله تعالى محمد الفيروزآبادي: يحتمل أن يقال: لا يخلو أن يصحح أنَّ جُمدان وادٍ، كما ذكره أبو بكر بن موسى عن بعضهم، أو جبل كما قاله الأكثرون. وعلى التقديرين فالسُّنَّة في صعود الجبل التكبير، وفي الهبوط في الأودية ونحوها: التسبيح، فلمَّا أشرف صلى الله عليه وسلم على محل ذكر الله تعالى، نَبَّههم على ذلك، بقوله صلى الله عليه وسلم:" سبق المفردون " وأشار به إلى أنَّ الإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ في كلِّ حال لا سيما في المواضع المندوبة إليه شيمةُ أهل التحقيق، ومن موجبات التقدم والسبق في مسالك الطريق.
ويحتمل أن يقال: لما كانت الجبال من بين سائر الجمادات قد خُصَّت بالأمر بالتَّسبيح والذِّكْر في قوله تعالى: {يا جبالُ أَوِّبي معه والطَّير}، وقال زيد بن عمرو العدوي، أو ورقة بن نوفل:
سبحانَ ذي العرش سُبحاناً يدومُ .... له وقبلنا سبَّح الجوديُّ والجُمُدُ
و [لما] نظر صلى الله عليه وسلم إلى جُمدان ذَكَرَ ذِكْرَ الجُمُد وتسبيحَه في القديم من الأزمان فذكرهم بذلك، وأنّ هذا تثنية الجُمد المذكور في أشعار الجاهلية بتسبيح الله تعالى وذِكْرِه، مع كونه جماداً، فأنتم أولى بذلك وأحرى، لأن ذلك سببُ السبق والتَّقدم في الأولى والأخرى.
27. جبل لحيا جمل:
لحيا جمل، بالفتح ثم السكون، تثنية اللَّحْي، وهما العظمان اللذان فيها الأسنان من كلِّ ذي لَحْي، وجَمَل بالجيم: البعير.
وفي الحديث: "احتجم النبي صلى الله عليه وسلم بِلَحْيَيْ جمل": وهي عقبةٌ على سبعة أميال من السقيا.
وفي كتاب مسلم أنه ماء. ويروى: (بلحي جمل) على الإفراد. ويروى بكسر اللام، والفتح أشهر.
28. جبل حبس:
حُبْسٌ، بالضَّمِّ ثمَّ السُّكون، وإهمال السِّين، كأنه جمع الحَبيس: وهو يقعُ على كلِّ شيءٍ وقفه مالكه، وحبسه وقفاً محرَّماً. قال الزَّمخشريُّ: حُبْسٌ بالضَّمِّ: جبلٌ لبني مُرَّةَ.
وقال غيره: الحُبسُ: بين حَرَّة بني سُليم والسَّوارقية. وفي حديث عبد الله بن حُبْشي: تخرج نارٌ من حُبْس سَيلٍ.
وقال نصر: حَبْس سَيلٍ بالفتح: إحدى حَرَّتي بني سُليم، وهما حَرَّتان بينهما فضاء، كلتاهما أقلُّ من الميلين.
وقال الأصمعيُّ: الحُبْسُ: جبلٌ مُشرفٌ على الثَّلْماء لو انقلب لوقع عليهم وأنشد:
سقى الحُبْسَ وسَمِيُّ السَّحاب ولا يزلْ .... عليه روايا المُزْنِ والدِّيَمُ الهُطْلُ
ولولا ابنةُ الوهبيِّ ريدةُ لم أُبل ...... طوالَ الليالي أنْ يُحَالِفَهُ المَحْلُ
29. جبل الحت:
الحُتُّ، بالضَّمِّ، قال الزَّمخشريُّ: الحُتُّ: من جبال القَبَلية لبني عرك من جُهينة. عن عَلِي.
قال الجهني: معروف في بلاد جهينة بالبادية.
30. جبل الحلاء:
الحِلاَء، بالكسر والمدِّ، ويفتح، واحدها حِلاءة. وهو اسمٌ لجبالٍ كبارٍ شواهقَ، تقابل مَيْطَان، لا تُنبت شيئاً، ولا ينتفع بها إلا ما يُقطع للأرحاء ويحمل إلى المدينة، وما حواليها.
وأنشد الزمخشريُّ لعديِّ بن الرِّقاع:
كانت تَحُلُّ إذا ما الغيثُ أصبحَها .... بطنَ الحِلاءَةِ فالأمرارَ فالسِّرَرا
وقال طُفَيلٌ الغَنويُّ:
ولو سألَتْ عنَّا فزارةُ نُبِّئَتْ .... بطعنٍ لنا يومَ الحِلاءَةِ صائبِ
¥