تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قولته الشهيرة " اليوم أمنت على الفاطميات"، بحيث كان لهذا الغزو تداعيات خطيرة على كل المستويات،وأثرت سلبيا على كل مظاهر الحياة في البلاد ونتيجة لذلك تدهورت الحياة السياسية والعلمية والثقافية بسبب هجرة العلماء والأدباء خارج إفريقية.كما دمر جزء هام من التراث الحضاري لافريقية الإسلامية، حيث كان الهدف الأساسي هو القضاء على الدولة الصنهاجية فكان التركيز على احتلال العاصمة القيروان وتخريبها وتدمير مخزون حضاري هام دام أكثر من أربعة قرون من الإنتاج العلمي والفقهي والفكري. وكان من التداعيات الخطيرة لهذه الهجمة أن انقسمت الدولة الصنهاجية إلى دولتين بعد انشقاق " حماد بن بلكينبن عن المعز" واستقلاله بإمارة بني حماد (الجزائر).وقد تحدث ابن خلدون في تاريخه كثيرا عن هذه الفترة العصيبة من حياة إفريقية نظرا لتأثيرات هذه الجمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.وقد كان لشروح ابن خلدون الفرصة السانحة لمزيد بروز اسمه وشهرته حيث استغل مؤرخو الغرب وقادته هذا الحدث الجليل للنيل من العرب ومن تصرفاتهم لتبرير عدوانهم المتواصل على هذه الأرض والتي ستكون منطلقا لمعركة الاسترداد (احتلال المهدية وقرى الساحل والأندلس لاحقا…) ولكن هناك مؤرخون كثيرون تعرضوا أيضا لهذه المرحلة ولأعمال الهلاليين كابن الأثير والتيجاني و ابن رشيق القيرواني وابن الخطيب الوزير.ولقد رحل كثير من أهل صقلية بسبب هذه الأوضاع إلى صقلية والأندلس وفي طليعة هؤلاء كوكبة من العلماء والشعراء والأدباء كابن شرف الذي هاجر مع أسر ته إلى الأندلس و بها استقر،وكذلك رفيقه ابن رشيق الذي هاجر إليها

3 - تأثير الأحداث في شخصية المازري:

في ظروف اتسمت بالخوف من الأعراب الذين دمروا كل شيء وكذلك الخوف من تهديدات النورمان نشأ شيخنا الفقيه والعالم المفتي بمدينة المهدية العاصمة الجديدة لأمراء صنهاجة.ونتيجة لذلك شب المازري على الاحتياط والريبة والحذر من كل شيء، فأصبح يتجنب الخوض في الأمور السياسية وكان يكتفي بما يهمّه من شؤون الفقه و الفتاوي وخدمة الناس وتنظيما لها وحماية لدار الإسلام إفريقية. وكان يعتقد أن مهمته شرعية علمية،و أن عليه خدمة المجتمع في هذا الاطار.فكان السمو والترفع عن شؤون الدنيا مصدر حب الناس له وكسب ثقتهم وتقديرهم. وبرزت عفته وتشكلت شخصيته شيئا فشيئا بين الناس على مر الأجيال وأصبح مثالا وقدوة حسنة حتى نسجت حوله الأساطير في ظروف توقفت فيها معالم العمران والعلم وإبداع الفكر، ودخل في اللاوعي الشعبي إلى اليوم برغم التطور المعرفي والاجتماعي والحضاري،وقد كان الناس يميلون دوما إلى العلماء و الصلحاء ويعتبرون بعدهم عن ذوي السلطان من مظاهر الورع والصلاح.وقد حصل المازري في حياته ومنذ مماته وإلى اليوم على مكانة عظيمة بفضل علمه وتقواه وقد أحاطت بسيرته هالة من التعظيم والتقدير تحولت مع مرور الزمن إلى حكايات شعبية فيها من الكرامات وخوارق العادات الشيء الكثير مما جعلها تنتشر في كامل الساحل التونسي وخارجه وقد تغنى المنشدون بالألحان الدينية تنوه بفضله وعلمه وورعه، وأعطى الناس اسمه لأولادهم وأحفادهم.ويذكر المؤرخ التونسي "حسن حسني عبد الوهاب" أنه توجد عائلة بمدينة سوسة تنحدر منه.

4 - أثاره العلمية وفتاويه:

اشتهر الإمام المازري بفتاويه وهي عديدة وقد قام بجمعها وتحقيقها الدكتور " الطاهر المعموري " بإشراف مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان سنة 1992 وفتاوي المازري تناولت جملة من وفرة من الموضوعات كما يذكر المحقق كالعبادات والمعاملات على تنوع مسائلها وكذلك بعض القضايا العقدية وهي فتاوي تعكس الأوضاع العائلية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.

5 - كتابه "المعلم بصحيح مسلم":

وهو كتاب هام حققه شيخنا العلامة الأستاذ الشاذلي النيفر، وقد تولى تكملته تلميذ المازري الشهير القاضي عياض.وله تلاميذ أخذوا عنه من إفريقية والمغرب والأندلس ممن لا يعدون كثرة وأشهرهم "محمد بن تومرت" الملقب بالمهدي حيث حل بالمهدية عند الذهاب إلى بغداد في مهمة سياسية تعد لقيام دولة الموحدين وإسقاط دولة المرابطين.وهناك وفي المهدية اتصل بن تومرت بالمازري وأخذ عنه علوم الفقه والفتوى، وكذلك عند الرجوع حيث توطدت بينهما أواصر التعارف.وكان الإمام المازري عالما جليلا وفقيها بارعا، وبلغت فتاويه أعلى درجات التمكن والاجتهاد وبرزت معارفه وعلمه.ولكنه لم يبلغ ما وصل إليه الإمام سحنون من شهرة ومكانة لأن ظروف المازري وعصره تميزت بالاضطراب والفوضى بينما كان عصر سحنون عصر استقرار وازدهار.ومع ذلك يظل المازري حيا في الذاكرة وتناوله المؤرخون بكثير من الاهتمام، وتحدثت عنه كتب الطبقات بإطناب وبإعجاب مثل "ابن خلكان" في "وفيات الأعيان" و "البرزلي" في كتابه "المعيار" وهو تلميذ الإمام بن عرفة الورغمي، والشيخ مخلوف في كتاب "شجرة النور"وابن فرحون في كتابه الديباج.

المراجع:

فتاوي المازري للدكتور الطاهر المعموري، الدار التونسية للنشر، تونس 1992

شجرة النور الزكية، الشيخ مخلوف المنستيري، المطبعة السلفية القاهرة 1929.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير