لقد كان رحمه الله متواضعاً مع الصغير والكبير, وكان حليماً لا يغضب آخذاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الغاضب يأتيه فيهدأ حينما يحدثه, لقد كان رحيماً بالضعفاء والمساكين يخدمهم ويطعمهم, رحيماً بالأطفال متودداً إليهم, ولقد رأيناه كثيراً ما يداعب الأطفال من أبنائه وأحفاده ويأنس بهم, ويعامل الفتيان معاملة الرجال لا معاملة الصغار ولو لم يبلغوا الحلم.
كان - رحمه الله - يتصف بنقاء السّريرة فلا يحمل حقداً ولا ضغينةً على أحد, ولا يمكن أن يؤذي أحداً بل يصفح عن الآخرين ويعفو , متسامحاً محسناً الظن بالناس
كما كان الشيخ عبدالله منظّماً في حياته؛ في وقته وقراءته وأكله ونومه وخروجه وصلاته وعلاقاته, وكان كريماً زاهداً في هذه الدنيا فلم يتعلق قلبه بها لمعرفته بمنزلتها من الآخرة.
كان رحمه الله قوي التوكل, لا يضطرب حينما يسمع الأحداث, فلا يتزعزع لحادثات الليالي والأيام لقوة توكله واعتماده على ربه, ولقوة صبره وتحمله ويقينه .. وكيف يضطرب وهو الذي قد حوى ما في التأريخ من أحداث وأحوال, فالأحداث والمواقف تملأ مخيلته وهو العارف بالأيام وما تحمله, ومن قرأ واستوعب كتاب البداية والنهاية لابن كثير وغيره من كتب التاريخ كان أكثر حكمة ونضجا في التعامل مع الأحوال والظروف.
كان – رحمه الله – تقياً عابداً قوّاماً لليل كثير التهجد والصلاة, كما قال عنه الأديب الشاعر عبدالله بن محسن آل لحيان في قصيدته
كان - رحمه الله - يحب خدمة الآخرين لاسيما الأقرباء والجيران، فكان يلبي طلباتهم ويقضي حوائجهم, ويقرض محتاجهم ويعطف على صغيرهم ومريضهم, يحب زيارة المرضى والدعاء لهم ابتغاء الأجر والثواب, كان واصلاً لرحمه, يزورهم ويتواصل معهم ويدعوهم لزيارته. ومن اهتمامه بأرحامه أنْ أخذ عمة والده لطيفة بنت الشيخ سعود بن مفلح إلى بيته آخر خمس سنوات من عمرها، وبقيت عنده إلى أن توفيت رحمها الله تعالى. كما كان قوي الصلة بخالاته وعماته وأعمامه, وكانت صلته بأخيه (والدنا رحمه الله) قوية إلى حد كبير فكان محبوباً لدى الجميع يأنسون بآرائه وحديثه ومجلسه.
وقد كان بيته مفتوحاً طوال اليوم، وكثيراً ما تحصل خلافات بين أب وابنه أو زوجة وزوجها فيذهب أحدهما إلى الشيخ عبدالله طالباً تنفيس كربته وحل مشكلته والتدخل في أمره. ولا نعرف أنه دخل في مشكلة أو خصومة مع أحد طيلة حياتنا معه خلال أكثر من خمسة وثلاثين عاماً.
كان – رحمه الله – ذا منهج واضح, صادقاً مع ربه ونفسه لا يحابي أحداً، ولا يستغفله أحد، ولا يخادع ولا يكذب , ولا يغش , مرتب في دخله المالي ومصاريفه الشهرية والسنوية بحيث لا يلجأ إلى الديون التي تجعله يحتاج إلى الآخرين, لا يحب الاقتراض من أحد، بل لقد كان في شبابه يكدح ويتعب بحثاً عن لقمة العيش الحلال؛ فعمل في الاحتطاب على الجمال وعمل في الزراعة؛ فزرع في ليلى وخاصة في الحزيمي وأم أثله وزرع في أوسيلة، وباع واشترى، وكان له نخل في السيح يذهب له كل شهر , وربما أقام شهرين هناك في وقت الصيف (المقياظ)، وكان أغلب أهل ليلى ممن كان لهم نخل يفعلون ذلك في شدة القيظ.
وحينما اشتهر بين الناس بقسمة المواريث (الفرائض)، والاهتمام بالآثار ومواسم الغرس والبذر عُرض عليه تولِّي عدد من المسؤوليات في بعض الدوائر الحكومية. فقد عَرض عليه قاضي الأفلاج الشيخ عبدالرحمن بن سحمان العمل في النظارة وقسمة الأراضي والمواريث في المحكمة, وعَرض عليه الشيخ محمد بن علي آل زنان العمل قي قسم الآثار بإدارة التعليم, وعَرض عليه مدير الزراعة العمل في فرع الزراعة لمعرفته بالمواسم ومواعيد الغرس والبذور ... ولم يرغب شيئاً من ذلك – رغم عدم تأييد بعض المقربين منه - حرصاً منه على أن يكون ما يقدمه للناس خالصاً لوجه الله، وأن يكون عمله احتسابا دون أجر إلا من الله تعالى، وأن لا يرتبط بما قد يُقيِّد خدمته لجميع فئات الناس.
كان – رحمه الله – يعترف بعيوبه وقد يعدها هو عيوباً وربما ليست بعيوب.
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلُّها كفى المرءَ نُبلاً أن تُعدّ معايبُهْ
¥