وأختمها ذكراً لربيَ وحدَه = كما بدأتْ والله يهدي إلى القصدِ
الشاعرة (بنت الأفلاج):
تقول الشاعرة بنت الأفلاج: هذه القصيدة في رثاء مؤرخ الأفلاج الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل مفلح الجذالين, المشهور (ابن عيسوب) - رحمه الله - قلتها في 14/ 2/1415هـ.
لولا الرضا بقضاءِ الله ما تركتْ = عيني بكاءك في حِلٍّ وفي سَفَرِ
ما أنت فينا بشخصٍ يُستهان به = قد كنتَ فينا كمثلِ الشمسِ والقمرِ
رُحماك ربّاه هذا الشيخُ فارقَنا = وحزنُه جاثم في القلب كالحجرِ
حياؤه الجمُّ والعلم الذي شهدتْ = له به الخَلْقُ من جِنِّ ومن بشرِ
هل للفرائض من شيخٍ يُفسرها = وذا ابن عيسوب تحت التُرب والحجرِ
أواه يا أهلَ نجدٍ من سيخبركم = عن ابتداءِ أوانِ الزرعِ والثمرِ
أواه للعُرْب من فقد الذي فقدوا = بفقده النسب المسطور في السيرِ
قد كان أُنموذجاً حيّاً لأسرته = إذ كان علامةَ الأرجاء والمُصُرِ
كان الوقارُ وحبُّ الخير ديدنَه = ونصحُه قيِّمٌ يزدانَ بالدررِ
رُحماك رباه كم للشيخِ باكيةٍ = لعلمه الجمِّ أو من ذكرِه العَطرِ
يا قومُ حينَ دفنتوه أطابَ لكم = دفنُ التقيِّ الذي ما نامَ في السحرِ؟
صلى لخالقه و الليلُ يستُرُه = ثم مضى لصلاةِ الفجرِ في طُهُرِ
واستنّ للفجر ثم لم يقم بهموا = إلى الصلاة وكم للشيخ من عُذُرِ
قالوا أيا شيخنا قُمْ للصلاةِ بنا = فالفجرُ وقتٌ علمتم بالغ القصرِ
فما تحرّك فارتاعت ضمائرُهم = وقامُ كُلُّهموا يرنُوه بالبصرِ
فإذْ به فارقَ الدنيا لخالقه = في هدأةٍ لم يَرُعْ قوماً ولم يضرِ
ياربِّ نوّر عليه اللحدَ يا أملي = ووقِّه ربِّ دُودَ الأرضِ والحفرِ
وأرسلنَّ سحاباتٍٍ تُظَلِّلُه = واجعلْ مساكنه في عالي السُّررِ
وآخر القولِ عفواً منك يا أَملي = رضيتُ رغمَ الأسى ياربِّ بالقدر ِ
ثم الصلاةُ على خيرِ الورى أبداً = ما ازدانت الأرضُ بالأشجارِ والزَّهَرِ
طلبه للعلم ومشايخه
رحل الشيخ عبدالله إلى الرياض مرتين لطلب العلم: الأولى عام 1355هـ، والثانية عام 1357هـ وكانت أطول من سابقتها, وقد أخذ من العلم هناك حظاً وافراً.
فمن مشايخه في الرياض:
1 - الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ، لازمه الشيخ عبدالله كثيراً وأخذ منه علم التوحيد والفقه والفرائض.
2 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ، مفتي البلاد السعودية شيخ زمانه وإمام عصره، سمع منه الشيخ عبدالله الفرائض والحديث.
3 - الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وقد درس الشيخ عبدالله على يديه التفسير، ولم يمكث معه طويلاً.
ومن مشايخه في الأفلاج:
1 - الشيخ عبداللطيف بن محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ، أخذ منه الشيخ عبدالله علم الفرائض أثناء إقامته في الأفلاج.
2 - الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل عتيق، وقد درس على يديه الفقه والتوحيد.
3 - الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل سحمان، وقد كان للشيخ عبدالله والشيخ عبدالرحمن جلسات مدارسة في الفرائض والحديث بعد صلاة المغرب استمرت سنوات طويلة.
4 - والده الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن سعود الجذالين (المتوفى سنة 1362هـ) أخذ منه تأريخ الأفلاج _ غير المدون _ وعلم الفلك والحساب والأنساب، حيث أخذ والده هذه العلوم من جده الشيخ سعود بن مفلح الجذالين (1248 - 1335هـ) -رحمه الله- الذي كان عالماً بالتأريخ، ومعاصرا لكثير من أحداث نجد وقريب العهد ببعضها الآخر، منذ دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.
اهتمامه بالقراءة والتاريخ
كانت القراءة رافداً مهما ورئيسياً في حياته العلمية وطلبه للعلم، لاسيما وقد كان يمتلك- رحمه الله – ذاكرة قوية ودقة وضبطاً للمعلومة لا تتوفر إلا عند قليل من الناس، سواء الضبط الرقمي - وهو صاحب العقلية الرياضية الفذة - أو الضبط القصصي والتسلسلي للأحداث والأشخاص والأفكار، وقد كان يقول لتلاميذه: ما سمعت شيئاً أو قرأته إلا حفظته.
ورغم أنه واجه صعوبات عديدة في الحصول على الكتب في أول حياته - يرسل من يعرف من الحجاج لشرائها من مكة - إلا أنه كون مكتبة جيدة حوت العديد من المصادر العلمية في علوم وفنون مختلفة.
¥