ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[27 - 12 - 09, 05:31 م]ـ
5. الخلفاء العباسيون:
قامت الدولة العباسية على فكرة الإسلام وتطبيق أحكامه، وقد قال أبوجعفر المنصور لابنه المهدي: إن الخليفة لا يصلحه إلاّ التقوى، والسلطان لا يصلحه إلاّ الطاعة، والرعية لا يصلحها إلاّ العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً مَن ظلم من دونه.
وكان المنصور في أول النهار يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولايات والعزل والنظر في المصالح العامة.
وقد اهتم العباسيون بالعدل، وأخذ مجراه بين الناس من خلال مؤسسة القضاء التي تطورت في ذلك العهد، وأحاط العباسيون القاضي باحترام كبير؛ فهو عمود السلطات وقوام الدين، وقد تجلت هيبة القضاء في عهد الخليفة المهدى الذي كان يجل القضاة، ويحترم مجالسهم، ويحرص كل الحرص على أن يكون القاضي نزيهاً بعيداً عن التأثر بذوي الجاه والسلطان، وألاّ يحابي أحداً مهما كانت منزلته وإن كان الخليفة نفسه.
لقد اشتهر أبو جعفر الخليفة المنصور قبل تأسيس الدولة العباسية بتردده عل حلقات المساجد وطلب العلم والفقه والآثار؛ فقد كان مقدماً في علم الكلام، ومكثراً من كتابة الآثار وكان صاحب معرفة بالفقه والفقهاء، مما مكنه لاحقاً من التعامل بطريقة مناسبة مع الفقهاء واستقطابهم للدولة الناشئة.
وبعد تأسيس الدولة العباسية استمر خلفاء بني العباس في التأكيد على المظاهر الإسلامية للخلافة، وأظهروا التزامهم بالدين.
ولقد كان للخليفة العباسي الثاني أبي جعفر عبد الله بن محمد 136هـ/753م/-151هـ/774م الدور الأكبر في ترسيخ هذه السياسة لما كان يتميز به من شخصية فذة، فقد كان عهده متميزاً على كافة الصعد، ويُنظر إليه على أنه المؤسس الحقيقي للدولة العباسية؛ فهو الذي أصّل الدولة، وضبط المملكة، ورتب القواعد.
* اهتمامه بالقضاء:
فقد اهتم أبو جعفر المنصور بالقضاء بشكل ملحوظ، فكان أول خليفة يعين القضاة بعد أن كان هذا الأمر موكولاً إلى ولاة الأمصار، فقد قال الخطيب البغدادي: إن ولاة الأمصار كانوا يستقضون القضاة، ويولونهم دون الخلفاء قبل أبي جعفر المنصور. فلماء جاء أبو جعفر قام بتعيين القضاة بنفسه على اعتبار أن هذه الوظيفة من مهام الخليفة.
وقد قال المنصور لما عين عبيد الله بن الحسن العنبري قاضياً على البصرة: إني قد قلدتك طوقاً مما قلدني الله طوقاً.
ومن الفقهاء الذين قام المنصور بتعيينهم بنفسه .. الحسن بن عمارة، وشريك بن عبد الله النخعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن الحسن العنبري.
ومن الحوادث في تاريخ القضاء في عهد المنصور أن أحد القادة الميدانين للخليفة أبي جعفر المنصور اختصم مع أحد التجار في قطعة أرض في البصرة، فلما مثلا أمام القضاء -وكان القاضي يومها في البصرة سوار بن عبد الله حكم القاضي- حكم بأن الأرض للتاجر، وليست للقائد فدفع القائد شكواه إلى أمير المؤمنين المنصور، فكتب المنصور إلى القاضي سوار يطلب منه أن يرد الأرض إلى القائد، فكتب إليه القاضي: يا أمير المؤمنين:إن البينة قد قامت عندي أن الأرض للتاجر، فلست أخرجها من يديه إلاّ ببينة ودليل، فكتب إليه المنصور لتدفعنها إلى فلان القائد، فرد القاضي برسالة قصيرة كتب فيها: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجها من يدي التاجر الفلاني إلاّ بحق، وقد قامت البينة عندي أنها للتاجر، فلما جاء كتاب القاضي إلى الخليفة المنصور تبسم المنصور، وقال: ملأتها والله عدلاً. الحمد لله الذي صار قضاتي تردني إلى الحق، وأظهر أبو جعفر المنصور أهليته العلمية من خلال اهتمامه بالشؤون القضائية، فقد أراد شريك بن عبد الله النخعي على القضاء، فاعتذر شريك بأنه لا يحسن ذلك، فما كان من المنصور إلاّ أن قال له: اذهب فأنفذ ما أحسنت، وتكتب إلي فيما لا تحسن.
يتبع ....
ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[07 - 01 - 10, 06:31 ص]ـ
* رغبة المنصور في تولية العلماء العاملين أمور البلاد والعباد:
¥