قلت: وفي الحديث إثبات العدوى والاحتراز منها، فلا منافاة بينه وبين حديث ((لا عدوى)) لأن المراد به نفي ما كانت الجاهلية تعتقده أن العاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى وقدره، فهذا هو المنفي، ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر الله ومشيئته، وهذا ما أثبته حديث الترجمة، وأرشد فيه إلى الابتعاد عما قد يحصل الضرر منه بقدر الله وفعله.
كتاب الصلاة
التوقيت للوتر، كالتوقيت للصلوات الخمس
1712 - (إنما الوتر بالليل).
أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (رقم891) عن خلد بن أبي كريمة: نا معاوية بن قرة عن الأغر المزني:
((أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني أصبحت ولم أوتر، فقال: (فذكره). قال يا نبي الله إني أصبحت ولم أوتر، قال: فأوتر)).
قلت: وهذا إسناد حسن على الأقل في الشواهد، خالد بن أبي كريمة قال الحافظ:
((صدوق يخطىء)).
وسائر رجاله ثقات، غير شيخ الطبراني محمد بن عمرو بن خالد الحراني، فلم أجد له ترجمة. لكن يشهد للحديث قوله صلى الله عليه وسلم:
((أوتروا قبل أن تصبحوا)).
أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري، وهو مخرج في ((الإرواء)) (421).
وهذا التوقيت للوتر، كالتوقيت للصلوات الخمس، إنما هو لغير النائم وكذا الناسي، فإنه يصلي الوتر إذا لم يستيقظ له في الوقت، يصليه متى استيقظ، ولو بعد الفجر، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم للرجل في هذا الحديث: ((فأوتر)). بعد أن قال له: ((إنما الوتر بالليل)). وفي ذلك حديث صريح فانظره في ((المشكاة)) (1268) و ((الإرواء)) (422).
شرعية الصلاة بعد الوتر
1993 - (إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له).
أخرجه الدارمي (1/ 374) وابن خزيمة في ((صحيحه) (2/ 159/1103) وابن حبان (683) من طرق عن ابن وهب: حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن ثوبان قال:
((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال:)) فذكره، وليس عند الدارمي هذه الجملة المصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم قال الحديث في السفر، ولذلك عقب على الحديث بقوله:
((ويقال: ((هذا السفر))، وأنا أقول: السهر))!
وبناءً عليه وقع الحديث عنده بلفظ: ((هذا السهر)). ويرده أمران:
الأول: ما ذكرته من مناسبة ورود الحديث في السفر.
والآخر: أن ابن وهب قد تابعه عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صالح به مناسبة ولفظاً.
أخرجه الدارقطني (ص177) والطبراني رفي ((الكبير)) (1410).
وعبد الله بن صالح من شيوخ البخاري، فهو حجة عند المتابعة.
فدل ذلك كله على أن المحفوظ في الحديث ((السفر)) وليس ((السهر)) كما قال الدارمي.
والحديث استدل به الإمام ابن خزيمة على ((أن الصلاة بعد الوتر مباح لجميع من يريد الصلاة بعده، وأن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة، لا أمر إيجاب وفريضة)).
وهذه فائدة هامة، استفدناها من هذا الحديث، وقد كنا من قبل مترددين في التوفيق بين صلاته صلى الله عليه وسلم الركعتين وبين قوله: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً))، وقلنا في التعليق على ((صفة الصلاة)) (ص123 - السادسة):
((والأحوط تركهما اتباعاً للأمر. والله أعلم)).
وقد تبين لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمراً عاماً، فكأن المقصود بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وتراً، أن لا يهمل الإيتار بركعة، فلا ينافيه صلاة ركعتين بعدهما، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره. والله أعلم.
كتاب الزكاة
فضل القرض الحسن وأنه يعدل التصدق بنصفه
1553 - (إن السلف يجري مجرى شَطْرِ الصدقة).
أخرجه أحمد (1/ 412) وأبو يعلى (3/ 1298 - مصورة المكتب) من طريق حماد بن سلمة: أخبرنا عطاء بن السائب عن ابن أذنان قال:
((أسلفت علقمة ألفي درهم، فلما خرج عطاؤه قلت له: اقضيني، قال: أخرني إلى قابل، فأتيت عليه فأخذتها، قال: فأتيته بعد، قال: بَرحْتَ بي وقد منعتني، فقلت: نعم، هو عملك، قال: وما شأني، قلت: إنك حدثتني عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره)، قال: نعم فهو كذلكن قال: فخذ الآن)).
¥