1702 - (إن موسى قال: يارب أرني آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال: له آدم نعم، فقال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك، قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة، فقال: آدم ومن أنت؟ قال أنا موسى، قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء حجاب، ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم، قال: فما تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى).
أخرجه أبو داود (4702) وعنه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (ص193) وابن خزيمة في ((التوحيد)) (ص94) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن سعد وهو صدوق له أوهام، وقد حسنه ابن تيمية في أول رسالته في ((القدر)).
والحديث في ((الصحيحين)) وغيرهما من حديث أبي هريرة مختصراً.
قوله: (فحج آدم موسى) أي غلبه بالحجة.
واعلم أن العلماء قد اختلفوا في توجيه ذلك، وأحسن ما وفقت عليه ما أفادة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ إنما هو موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لذريته من المصيبة بسبب أكله من الشجرة، لا لأجل حق الله في الذنب، فإن آدم كان قد تاب من الذنب، وموسى عليه السلام يعلم أن بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب، ولهذا قال: ((فما حملك على أن أخْرجتنا ونفسك من الجنة؟))، لم يقل: لماذا خالفت الأمر؟ والناس مأمورون عند المصائب التي تصيبهم بأفعال الناس أو بغير أفعالهم بالتسليم للقدر وشهود الربوبية ... فراجع كلامه في ذلك فإنه مهم جداً في الرسالة المذكورة، وفي ((كتاب القدر)) من ((الفتاوى)) المجلد الثامن، وكلام غيره في ((مرقاة المفاتيح)) (1/ 123 - 124).
تفسير (وكل إنسان ألزمناه طائره).
1907 - (طائر كل إنسان في عنقه).
أخرجه أحمد (3/ 342و349و360) من طرقٍ عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قال ابن لهيعة: يعني الطيرة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة، وعنعنة أبي الزبير.
لكنه قد توبع، فأخرجه ابن جرير في ((التفسير)) (15/ 39) من طريق قتادة عن جابر بن عبد الله به مرفوعاً بلفظ:
((لا عدوى، ولا طيرة، (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه))).
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، لكن قتادة لم يسمع من جابر، وروايته عنه صحيفة، قال أحمد: ((قريء عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها)).
ولعل أحد الإسنادين يتقوى بالآخر، والحديث صحيح على كل حال، فإنه مقتبس من قوله تعالى في سورة (الإسراء): (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونُخْرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا).
قال ابن جرير:
((يقول تعالى ذكره: وكل إنسان ألزمناه ما قُضِيِ له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة يعمله في عنقه لا يفارقه، وإنما قوله: (ألزمناه طائره) مَثَلٌ لِما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جل ثناؤه أن كل إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه، نحسا كان ذلك الذي ألزمه من وشقاء يورده سعيراً، أو كان سعداً يورده جنات عدن)).
حشر البهائم والاقتصاص لبعضها من بعض
1967 - (يقتص الخلق بعضهم من بعض، حتى الجماء من القرناء، وحتى الذرة من الذرة).
أخرجه أحمد (2/ 363): حدثنا عبد الصمد: حدثنا حماد عن واصل عن يحيى بن عقيل عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
وواصل هو مولى أبي عيينة.
وحماد هو ابن سلمة البصري.
وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث البصري.
والحديث قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 352) تبعاً للمنذري في ((الترغيب)) (4/ 201):
((رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح)).
قلت: وأصله في ((الصحيح)) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ:
((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)).
¥